سيناريو مضيق هرمز قد يكلف إيران الغالي والنفيس

قال مدير برنامج الدراسات الإيرانية في مركز الدراسات الإقليمية الأستاذ الدكتور نبيل العتوم إنه في خضم تداعيات الضربة العسكرية الأميركية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، برزت جملة من المؤشرات التي تعكس ارتباكًا حذرًا في السلوك الإيراني، بين الإصرار الخطابي على الرد والتريث الميداني لتفادي الانزلاق إلى مواجهة شاملة.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن طهران تحاول احتواء الموقف ضمن حدود محسوبة، وهو ما تجلى في غياب ردود فعل عسكرية فورية على الضربة التي طالت منشآت نطنز، وفوردو، وأصفهان.

وبيّن العتوم أن طهران عادت إلى التلويح بورقة استراتيجية طالما استخدمتها في لحظات التأزم، ألا وهي مضيق هرمز، مضيفًا أن هناك توصية رفعها مجلس الشورى الإيراني إلى المجلس الأعلى للأمن القومي، تقضي ببحث إمكانية اتخاذ خطوات عملية لتقييد الملاحة في المضيق، في إطار ما سمّي بـ"استراتيجية الضغط الميداني".

ورغم ما قد تحمله هذه الخطوة من تهديدات مباشرة لأمن الطاقة العالمي، تبقى احتمالية تنفيذها محدودة، لأسباب سياسية معقدة، فالعرض القابل للملاحة في المضيق لا يتجاوز 33 كيلومترًا، مع ممرّات مرور ذهابًا وإيابًا لا تتعدى ثلاثة كيلومترات لكلٍّ منهما، كما ذكر في حديثه لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، مشيرًا إلى أن إيران تمتلك وسائل تعطيل ملاحية - من ألغام بحرية وزوارق انتحارية - فإن تجارب سابقة، كعملية "فرس النبي" عام 1988، شكّلت سابقة قاسية لطهران، حين استهدفت الولايات المتحدة أكثر من نصف أسطولها البحري ردًا على حادثة مماثلة.

ونوّه العتوم إلى أن إيران تعوّل على أذرعها الإقليمية، كالحوثيين والحشد الشعبي وبعض الميليشيات الولائية، لممارسة ضغط غير مباشر على واشنطن وتل أبيب، وقد تتطور الأمور - في حال اتساع نطاق التهديد - إلى إشراك حزب الله اللبناني في المواجهة، خاصة إذا شعرت طهران أن النظام في الداخل بات مهددًا بصورة جدية.

ولفت الانتباه إلى أن الضربة الأميركية تبدو محكومة بمنطق الضغط لا الإطاحة، فقد أوضح مسؤولون أميركيون، بمن فيهم الرئيس ترامب، أن الهدف لا يتمثل في إسقاط النظام الإيراني، وإنما في تقويض برنامجه النووي ودفعه إلى العودة لطاولة المفاوضات بشروط أكثر صرامة، إذ تشير معلومات استخبارية إلى أن إيران كانت تمتلك حتى وقت قريب ما يزيد عن 408 كغم من اليورانيوم عالي التخصيب (بنسبة 60%)، و893 كغم من يورانيوم منخفض التخصيب (بنسبة 20%)، يُرجح أنها نُقلت إلى منشآت أكثر تحصينًا، أبرزها مفاعل بوشهر، الذي يشرف عليه خبراء روس.

وذكر العتوم أن الضربة لم تستهدف كل البرنامج النووي، فقد ركزت على ثلاث منشآت حددتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية كمواقع مشتبه بها بانتهاك اتفاق الاستخدام السلمي، وهو ما يشير إلى أن الضربة - رغم دقتها العسكرية - حملت أبعادًا سياسية وتفاوضية بالدرجة الأولى، ضمن استراتيجية أميركية تهدف إلى ردع طهران لا استدراجها إلى حرب شاملة.

واستطرد قائلًا إن هذه التطورات بوصفها جزءًا من تحوّل نوعي في السياسة الأميركية تجاه إيران، عنوانه: "الردع دون التصعيد"، وهو ما تجلّى في حرص واشنطن على التأكيد بأن ما جرى يعد رسالة مزدوجة لإيران بأن البرنامج النووي سيبقى تحت الاستهداف، ولحلفاء الولايات المتحدة بأن القوة العسكرية ما تزال أداة مطروحة على الطاولة حين تستدعي الحاجة.

واختتم العتوم حديثه بالإشارة إلى أن كل السيناريوهات مفتوحة، وسط حالة ترقب إقليمي ودولي حاد، لما ستفعله طهران في الساعات أو الأيام المقبلة.