يوديد البوتاسيوم تحت المجهر.. مختص يفكك "الأسطورة النووية" (فيديو)
قال المتخصص في إدارة الأزمات والكوارث نصر الدين طعامنة، إن منصات التواصل الاجتماعي شهدت اجتياحًا لمنشورات تحذيرية ووقائية تدعو المواطنين إلى الإسراع في شراء وتخزين أقراص يوديد البوتاسيوم، بزعم أنها تقي من آثار التفجيرات النووية المحتملة.
وأوضح طعامنة في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن بعض الحسابات ذهبت أبعد من ذلك، متهمةً الجهات الصحية بالتقصير في "توفير هذا المركّب المنقذ للحياة"، وهو ما أثار موجة من الخوف والارتباك لدى كثير من الناس.
وبيّن طعامنة أن يوديد البوتاسيوم (Potassium Iodide – KI) يعد مركبًا دوائيًا يُستخدم طبيًا لتقليل امتصاص الغدة الدرقية لليود المشع، الذي قد ينتشر في الجو عند حدوث انفجار نووي أو حادث إشعاعي، مضيفًا أن الفكرة الأساسية تقوم على مبدأ "الإشباع الوقائي" من خلال إعطاء جرعة من اليود غير المشع، فيمتلئ بها مخزون الغدة الدرقية، مما يمنع امتصاص اليود المشع لاحقًا، وبالتالي تقليل خطر الإصابة بسرطان الغدة.
ونوّه إلى أن حماية هذا الدواء تنحصر في الغدة الدرقية فقط، ولا تمتد لأي عضو آخر في الجسم، وهذا ما يجعل تسويقه شعبيًا كـ"درع مضاد للإشعاع" ضربًا من التهويل أو الجهل.
الجرعات.. وتضليل الناس بالمكروغرامات
ولفت طعامنة الانتباه إلى أن الجرعة الفعّالة من يوديد البوتاسيوم، والمعتمدة في بروتوكولات الطوارئ، تتراوح بين 130 و180 ملغم للبالغين، وتقل تدريجيًا عند الأطفال والرضّع (من 16 إلى 70 ملغم)، في المقابل، معظم أقراص يوديد البوتاسيوم المتوفرة تجاريًا تُباع بتركيزات زهيدة بالـ"مايكروغرام"، أي أن الشخص البالغ قد يحتاج نظريًا إلى مئات الحبات يوميًا لتغطية جرعة واحدة، وهو أمر غير منطقي طبيًا، وقد يكون ضارًا.
ما مدى فعاليته فعلًا؟
واستطرد طعامنة قائلًا إن يوديد البوتاسيوم لا يستخدم إلا في ظروف حرجة ومحددة، ويخضع توزيعه في الدول المتقدمة لبروتوكولات صارمة تشرف عليها وزارات الصحة والدفاع المدني، وفي كثير من الدول، يُخزَّن الدواء في الملاجئ أو مراكز الطوارئ، ولا يُباع علنًا في الصيدليات بتركيزاته العالية، أما استخدامه العشوائي دون وجود خطر فعلي، فقد يؤدي إلى اضطرابات صحية تشمل الغثيان، والقيء، والإسهال، واضطرابات الغدة الدرقية.
وحذّر طعامنة من أن هذا المركب لا يحمي من بقية الإشعاعات النووية مثل السيزيوم أو السترونتيوم، ولا يمنع حروق الانفجار، أو التسمم الإشعاعي العام، إنه ببساطة وسيلة حماية جزئية ومحدودة، وليست درعًا نوويًا شاملًا كما يروج البعض.
صناعة "ترند" على حساب وعي الناس
وأشار إلى أن ما يثير القلق، هو الطريقة التي تُضخ بها هذه "النصائح"، وكأنها تعليمات نجاة حتمية، مضيفًا أن بعض المؤثرين يسوّقون لأنفسهم عبر فيديوهات انفعالية تدعو إلى شراء يوديد البوتاسيوم بكميات كبيرة، وكأننا على أعتاب هيروشيما ثانية.
وأوضح طعامنة أن الحكومة هي الجهة المخوّلة بتوزيع هذا النوع من الأدوية، لا الأفراد ولا صفحات التواصل، كما تقع على وسائل الإعلام مسؤولية دحض الشائعات، وتقديم خطاب علمي رصين، يطمئن الناس دون تخدير، ويشرح دون تهويل.
https://x.com/i/status/1936771221062078651