غرايبة يكتب : العودة الى الجذور...

 رحيل غرايبة 

بعد ان وضعت الحروب العالمية أوزارها وانتصار ما يطلق عليها دول التحالف ؛ فقد أقدمت على مجموعة خطوات رئيسية واستراتيجية :

* أول خطوة وضع اليد على تركة الدول المهزومة ؛ الارض والانسان والمقدرات .. وأمسى كل ذلك ممتلكات الأجنبي المنتصر المتغطرس صاحب البطن الأجرب ... له الحرية المطلقة أن يفعل ما يشاء ويسرق ما يشاء ويخرب ما يشاء ويقتل من يشاء ..

الخطوة الثانية : العمل على وضع الحدود وتقسيم المنطقة وتقسيم الشعوب ووضع حرس ونواطير على هذه الحدود من أجل أن تسهم في تفتيت المجتمعات العربية وانهاء مصطلح الأمة حتى تنشأ الأجيال الجديدة على انتماءات مصطنعة وهويات فرعية ، ومنع التواصل والتمازج بكل أشكاله بين شعوب المنطقة ..

*ثالثا: خلق مشاكل بينية ونعرات عرقية وقومية.. وإحياء الإثنيات والعصبيات بكل أشكالها وأسبابها.. وفي مقابل ذلك إضعاف كل عوامل الوحدة والتقريب والتسامح بين التكوينات المجتمعية والتنوعات السكانية ؛ مثل الدين واللغة والتاريخ المشترك والثقافة الموحدة والقيم المتماثلة ..

*رابعا صناعة النخب المتغربة و المنسلخة من تراثها وهويتها ودينها وقيمها وثقافتها وتاريخها ، بعد غسيل أدمغتها والإنتقال بها الى تمجيد الأجنبي والتغني بحضارته ووصفها بالتقدم والرقي ، واحتقار ثقافة أمته ووصفها بالتخلف ، والتخلي عن انتمائه لحضارتها وتراثها وشخصياتها التاريخية ...

*خامسا فتح باب المنح التعليمية للأذكياء والموهوبين وأبناء الأغنياء وأصحاب النفوذ ليرجعوا الى بلدانهم وهم يحملون الولاء للدول التي تعلموا فيها ورضعوا قيمها المجتمعية مع الشهادات العلمية والتخصصات المختلفة -إلا ما رحم ربك - من أجل أن يقودوا الحياة والتعليم والمناهج والسياسة والادارة في بلدانهم بعد عودتهم ، وخلق الإنفصام النكد بين القديم والحديث وبين الدين والعلم وبين القيم والتقدم ..

*سادسا خلق ولاءات سياسية وحزبية مستوردة ، وانتماءات أجنبية تسهم في إيجاد مجتمعات مفتتة سياسيا واجتماعيا وقيميا وعلميا وطبقيا .. مجتمعات عبارة عن جزر منعزلة لا يجمع بينها جامع ..

*سابعا: ما هو أخطر من كل ما سبق هو خلق تعليم شكلي منبت عن الواقع لا يسهم في رفع مستويات النمو، ولا يزيد في الانتاج ،ولا يؤدي إلى امتلاك أوراق القوة ، ولا يؤدي إلى بناء مجتمعات صاعدة .. بل تتدهور الى الخلف وتكون في عداد الدول الغارقة بالدين والتبعية .. وغير قادرة على استنبات بذور العلم والمعرفة، ولا تملك نظرية معرفية خاصة بها حتى تبقى مرتبطة مع الدول الأجنبية ارتباط بقاء وديمومة ..

*ثامنا : سرقة العقول والأدمغة لتكون مستغلة في بناء القوة الأجنبية .. بحيث لا يجد المتخصصون والموهوبون أماكن لهم في بلدانهم فيضطروا الى الهجرة الى بلدان العالم المتقدم للبحث عن الكرامة والشغف العلمي والحياة الأفضل ..

*تاسعا: إقامة كيان مصطنع وقاعدة عسكرية مدججة بالقوة والعلم والمال والعقيدة الإستعلائية (اسرا.ئيل) لتنفيذ كل الخطوات السابقة .. وضمان النجاح في تحقيقها عن قرب..

*عاشرا : تحطيم الدول التي تشب عن الطوق وتخالف المخطط السابق ويمكن أن تنفذ من خيوط المؤامرة بالقوة والعنف والتدمير .. وترسيخ قاعدة ذهبية : أن تفهم الشعوب والأجيال أنه لا مجال لهم إذا أرادوا الحياة إلا بفهم المخطط السابق والإلتزام به شكلا ومضمونا..

بقي القول بالنسبة لنا : أننا لم نستطيع مواجهة هذه الخطوات ، بل يمكن القول أننا استجبنا لها وأسهمنا في إنجازها بجهل أو بعلم .. وكان لدينا الاستجابة لكثير من أسباب الاختلاف وزيادة فاعليتها بكل أسف .. وما زال المخطط جاريا .. وما زلنا شعوبا وأنظمة نستجيب .. ولا نقاوم ..