ما هو يوديد البوتاسيوم.. خيار الأردن لمواجهة النووي؟
في ظل تصاعد التوتر الإقليمي بعد الضربات الأميركية الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، أعلن رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية، الدكتور خالد طوقان، عن وضع خطط وطنية محكمة للتعامل مع أي تسرب إشعاعي قد ينتج عن أي استهداف لمنشآت نووية في المنطقة، وعلى رأسها منشآت إيران أو مفاعل ديمونة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
طوقان أكد، خلال حديث إذاعي، أن تقارير الرقابة الإشعاعية الصادرة عن السعودية لم ترصد أي مؤشرات على وجود تسرب نووي حتى اللحظة، بعد الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة على مواقع نووية إيرانية، مشيرًا إلى وجود أمل بأن تكون إيران قد اتخذت إجراءات وقائية لتفادي أي تسرب خطير.
وشدد على أن هذه الضربات، رغم خطورتها، لم تؤدِّ حتى الآن إلى أي تهديد إشعاعي مباشر للأردن أو للمنطقة، لكن الجاهزية تبقى في أعلى مستوياتها تحسبًا لأي طارئ.
توزيع محتمل لأقراص "يوديد البوتاسيوم"
وفي خطوة احترازية، كشف طوقان عن وجود خطة لتوزيع أقراص "يوديد البوتاسيوم" (KI) في حال تسجيل أي تسرب إشعاعي يصل إلى مناطق قريبة من السكان داخل الأردن. وأكد أن الجهات المختصة جاهزة لتنفيذ هذه الخطة فور تجاوز مستويات الإشعاع الحدود المسموح بها.
وتُعد أقراص يوديد البوتاسيوم من الوسائل الطبية المعتمدة دوليًا في حالات الطوارئ النووية، إذ تعمل على حماية الغدة الدرقية من امتصاص اليود المشع، ما يساهم في تقليل خطر الإصابة بسرطان الغدة.
ما هو يوديد البوتاسيوم؟
"يوديد البوتاسيوم" هو مركب كيميائي يُستخدم طبيًا في حالات الطوارئ الإشعاعية، ويتم إعطاؤه للبالغين بجرعة تبلغ 130 ملغ، بينما تحدد جرعات الأطفال والحوامل حسب العمر والوزن، وتحت إشراف صحي متخصص.
ويُستخدم هذا الدواء ضمن نطاقات جغرافية محددة يُرجَّح تعرضها لمستويات إشعاع مرتفعة، ولا يُؤخذ إلا بناءً على توجيهات رسمية من الجهات المختصة.
احتمالات استهداف ديمونة قائمة
وأشار طوقان إلى أن احتمالية استهداف مفاعل "ديمونة" الإسرائيلي لا تزال واردة في ظل استمرار التصعيد العسكري، موضحًا أن استهداف منشآت نووية مدفونة تحت الأرض قد يؤدي إلى انبعاث سحابة إشعاعية، لكن التأثير سيكون محدودًا على الأردن وفق النماذج العلمية المتوفرة.
وقال إن تلك السحابة - في حال تشكلها - قد تتجه نحو جنوب المملكة والصحراء الأردنية، بعيدًا عن المناطق المأهولة، مؤكدًا في الوقت ذاته وجود خطط جاهزة للتعامل الفوري مع مثل هذا السيناريو.
منظومة إنذار مبكر ومراكز مراقبة إشعاعية
وأكد طوقان أن الأردن يمتلك منظومة إنذار مبكر متطورة لرصد أي مؤشرات على تسرب إشعاعي من خارج الحدود. وتتألف هذه المنظومة من 30 محطة رصد إشعاعي موزعة في جميع أنحاء المملكة، تقوم بمراقبة مستمرة للهواء والتربة والمياه، وتعمل بطريقة أوتوماتيكية، مع إجراء تحاليل يدوية شهرية لتأكيد النتائج.
وأوضح أن هناك فرقًا متخصصة جاهزة لتنقية التربة والمياه في حال حدوث تلوث إشعاعي، إلى جانب نماذج علمية دقيقة لتتبع حركة السحابة الإشعاعية وقياس أثرها بدقة.
الجاهزية الأردنية مستمرة
أوضح طوقان أن مركز إدارة الأزمات يعقد اجتماعات دورية تضم ممثلين عن هيئة الطاقة الذرية ووزارة الداخلية وهيئة تنظيم قطاع الطاقة ومديرية الأمن العام، إلى جانب جهات معنية أخرى، بهدف مراجعة وتحديث خطط الاستجابة النووية.
وشدد على أن مستوى التنسيق بين الجهات المعنية في الأردن عالٍ جدًا، وأن هناك سيناريوهات استجابة متعددة جاهزة للتفعيل في حال أي تطور ميداني، وذلك بما يضمن سلامة المواطنين وبيئتهم.
وفي ظل منطقة مشتعلة بالتصعيد النووي والضربات الجوية، تؤكد التصريحات الرسمية الأردنية أن لا مؤشرات حالية على وجود خطر إشعاعي مباشر، إلا أن جميع الأجهزة المعنية تواصل العمل بأقصى درجات الجاهزية والاستعداد، وتضع صحة وسلامة المواطن الأردني في صدارة الأولويات.
ويبقى توزيع أقراص "يوديد البوتاسيوم" خيارًا مطروحًا ضمن خطة وطنية شاملة للتعامل مع الطوارئ النووية، بما يضمن الحد من أي أضرار محتملة في حال حدوث الأسوأ.