أسئلة ملحة حول الضربة الأمريكية... التوقيت والتأثير
قال الأستاذ المشارك والباحث المتخصص في الشؤون السياسية والاجتماعية الدكتور علي النظامي إن تأجيل التنفيذ الفعلي للضربة العسكرية الأمريكية على إيران، يعكس تعقيدات ميدانية واستراتيجية متشابكة، يتعامل معها صانع القرار الأمريكي بحذر بالغ، لا سيما في ظل التقديرات المتزايدة لاحتمالات التصعيد الإقليمي وردود الفعل الإيرانية المحتملة.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن إرجاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توجيه الضربة حتى الآن لا يعكس ترددًا في القرار بقدر ما يعكس تقديرًا متأنيًا للجاهزية العسكرية الشاملة، وتحديدًا لوجستيًا وتكتيكيًا، سواء على مستوى القوات الأمريكية المنتشرة في المنطقة أو البنى التحتية الدفاعية في الدول العربية الحليفة التي تستضيف قواعد أمريكية.
وبيّن النظامي أن هذا الإرجاء، في جوهره، يقوم على قناعة استراتيجية بأن أي ضربة أمريكية، حتى وإن كانت خاطفة وذات طابع تدميري واسع، ستقابل، على الأرجح، بردود انتقامية إيرانية قد تطال أهدافًا حيوية مدنية وعسكرية في دول الخليج العربي، وهو ما يتطلب رفع مستوى الجهوزية الإقليمية إلى الحد الأقصى، بما يضمن احتواء أية تداعيات مفاجئة.
وأشار إلى أن واشنطن تبقي الباب مواربًا أمام احتمالين اثنين لا ثالث لهما، الأول، أن يرضخ النظام الإيراني لضغوط التصعيد ويقبل بالاستسلام السياسي الكامل لشروط المجتمع الدولي، وعلى رأسها التراجع عن البرنامج النووي ومشاريعه الصاروخية، والثاني، أن يشهد الداخل الإيراني اختلالًا من خلال انقلاب عسكري داخلي يُسقط النظام من داخله، ويُجنّب واشنطن كلفة الحرب المباشرة.
وذكر النظامي أنه في حال تعذّر تحقق أحد هذين السيناريوهين، فإن الضربة العسكرية الأمريكية ستنفّذ في توقيت محسوب بعناية فائقة، بعد استكمال الترتيبات العملياتية اللازمة، وعندها ستكون الضربة موجعة إلى الحد الذي يُتوقع أن يُسهم مباشرة في إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية، أو على الأقل تفكيك بنيته العسكرية والأمنية.
وأردف أن استمرار الضربات الإسرائيلية المركزة ضد أهداف داخل العمق الإيراني لا يُعد انحرافًا عن الخطة الأمريكية، بقدر ما هو جزء تكاملي من عملية الضغط المستمر، التي تهدف إلى إنهاك النظام الإيراني سياسيًا ونفسيًا، ودفعه إلى حافة الانهيار الداخلي، فكل صاروخ يُطلق من تل أبيب يحمل في طياته رسالة أمريكية ضمنية لطهران، ألا وهي أن الهجوم قادم... إن لم تسقطوا من الداخل فسنأتيكم من الخارج.
ولفت النظامي الانتباه إلى أن عنصر المفاجأة يبقى حاضرًا بقوة في سلوك الرئيس دونالد ترامب؛ إذ لا يمكن لأي محلل أن يستبعد خيار الضربة المفاجئة، سواء خلال ساعات، أو في ليلة السبت أو الأحد – كما ترددت التوقعات، فالرئيس الأمريكي، المتمرس في صناعة المفاجآت الكبرى، لا يزال يحتفظ بورقة التوقيت كعنصر تكتيكي لا يقل أهمية عن حجم الضربة ذاتها.
وفي المحصلة، فإن السؤال لم يعد "هل ستقع الضربة؟" بل "متى، وبأي عمق، وما هي الكلفة السياسية والعسكرية والجيوسياسية التي ستترتب على إيران والمنطقة بأسرها؟"، وفقًا لما تحدث به النظامي لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.