هذا ما سيحدث للعالم في حال إغلاق مضيق هرمز... سيناريو مرعب مقبل

قالت خبيرة سلاسل التوريد الدكتورة مها الشيخ إنه في ظل التصعيد الإسرائيلي الأخير، وما قابله من رد فعل إيراني لمّح بشكلٍ متكرر لإغلاق مضيق هرمز، تبرز مخاوف حقيقية بشأن مستقبل الأمن الاقتصادي العالمي، لا سيّما في ظل الارتباط بين هذا الممر الاستراتيجي الحيوي وبين تدفّقات الطاقة والسلع الأساسية من وإلى الشرق الأوسط.

وأوضحت في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه التهديدات، سواء أكانت واقعية أم مجرّد أدوات ضغط تفاوضي، تضع العالم على حافة أزمة توريد حادة، قد تترتب عليها تداعيات ممتدة في البعدين الزمني والجغرافي.

وبيّنت الشيخ أن الحديث عن إغلاق مضيق هرمز، الذي يُعدّ الشريان الرئيس لمرور أكثر من 40% من تجارة النفط العالمية وقرابة 30% من حركة الحاويات البحرية، يُشكّل في حال تحققه اختلالًا حادًا في التدفقات التجارية والطاقوية العالمية، فالمسألة لا تتعلّق فقط بعدم وصول السلع إلى المستهلك النهائي، وإنما بانقطاعها حتى قبل أن تبلغ موانئ الوصول، أي قبل نقطة الشحن والتفريغ، مما يرفع التكاليف التشغيلية للنقل والتأمين البحري إلى مستويات غير مسبوقة.

ونوّهت إلى أن الاختناقات المتوقعة في سلاسل التوريد لن تكون عابرة، خصوصًا في حال طال أمد الإغلاق، وفي حال تجاوزت الأزمة حاجز الثلاثين يومًا، فإننا سندخل في سيناريوهات كارثية من ارتفاع معدلات التضخم، وتذبذب أسعار الطاقة، وتفكك منظومات المخزون الاستراتيجي.

ومن المفارقات اللافتة أن العالم، رغم التجارب السابقة – من الجائحة إلى الحرب الأوكرانية – ما زال يفتقر إلى بنية معلومات دقيقة حول حجم وقدرات المخزونات الطاقية والغذائية، ما يضاعف هشاشة الاستجابة للأزمات، وفقًا لما صرّحت به الشيخ لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

ولفتت الانتباه إلى أن تحوّل المضيق إلى منطقة اشتعال سياسي وعسكري محتمل، يضعنا أمام رأس الرجاء الصالح كبديل نظري لنقل السلع، لكنه حل باهظ الثمن من حيث الوقت والتكلفة؛ فمسار الإبحار عبره يُضيف ما لا يقل عن 15% في مدة التوصيل، وقرابة 60% في تكاليف التأمين، فضلًا عن رفع تكلفة الشحن بنسب قد تصل إلى 40%، وكل ذلك ينعكس في النهاية على سلسلة القيمة وصولًا إلى المستهلك النهائي، بما يحمله من تراجع في القدرة الشرائية واضطراب في العرض والطلب.

وأردفت الشيخ أن المعضلة الأكبر تتجلّى في هشاشة بنية المخزونات الآمنة، إذ إن أي أزمة – حتى وإن كانت قصيرة الأمد – كفيلة باستنزاف هذه المخزونات بسرعة مرعبة، وتحديدًا انقطاع الأسمدة، ونقص مدخلات الإنتاج الزراعي، وشح الإمدادات النفطية، وارتفاع كلف النقل، وهي كلها أزمات مركّبة تشكّل أرضية خصبة لانفجارات اجتماعية وسياسية في الدول المستوردة للطاقة والغذاء.

أما فيما يتعلق بالتأمين البحري، فارتفاع أقساطه يعد انعكاسًا مباشرًا لمستوى المخاطر السياسية والجيوسياسية، وهذا ما ينعكس في تصنيف مناطق الملاحة إلى ثلاث درجات من المخاطر: الخطيرة جدًا، حيث لا تصل السلع أصلًا؛ والمتوسطة، حيث تصل بتأخير طويل؛ والمنخفضة، حيث تتأخر بشكل مقبول، وفي ظل تهديدات إيران، فإننا الآن في قلب منطقة "الخطر الأعلى"، أي أن البضائع، وبشكل واضح، لن تصل.

وحذّرت الشيخ من أننا أمام لحظة مفصلية، فإما أن يتحرك العالم سريعًا نحو إعادة هيكلة سلاسل التوريد بشكل أكثر مرونة وتنويعًا، أو أن يواجه انهيارات متتالية في البنية الاقتصادية، تعصف بأمن الطاقة والغذاء، وتعيد رسم خرائط التبادل التجاري العالمي، إذ ورغم محاولات بعض الجهات الاستثمارية استغلال هذه المخاوف في رفع الأسعار وتحقيق مكاسب آنية، إلا أن التداعيات الأوسع ستطال الجميع: الحكومات، الموردين، التجار، والمستهلكين على حدّ سواء.