المجالي يكتب : رسالة مهمة لرئيس الوزراء بشأن إيران

 

عبدالهادي راجي المجالي

تؤلمني تلك المعركة التي تدور ، ويؤلمني أكثر ذلك القصور الرسمي الإعلامي في فهم أحداثها وطبيعتها ، كان الأصل قبل أن نفتح إعلامنا لتحليلات سطحية سخيفة تقع في باب الإستعراض ، كان الأصل أن تقوم الدولة ...بإنتاج إعلام الوعي ..كم أتألم حين أشاهد قناة المملكة التي أنفقت عليها الدولة الملايين ..وهي تقدم نماذج لمحللين استراتيجيين وأستاذة جامعات ، يمارسون التماهي مع الموقف الرسمي أكثر من تقديم وجبة وعي لشعبنا الذي يحتاج أكثر ما يحتاج لفهم طبيعة المعركة .
دولة الرئيس :
إيران هي الدولة الوحيدة في العالم ، التي ينص دستورها حرفيا على المذهب (الإثني عشري ) ..إيران متشعبة في العرقيات فيها العرب وفيها الأذربيجان ( الصفويين) ..فيها الفرس ، الأفغان ...ميزة الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الخميني في طهران عام 1979 ، أنها صهرت كل تلك القوميات في المذهب ..أنت تعرف أن أعلى درجات الهوية وأقواها ما يقوم على الدين وليس العرق أو الجغرافيا ..لهذا الوطن في إيران يعني الحسين ، والمعركة هي امتدادت (الطفوف) ..وحصار الحسين وإخوته وأنصاره في كربلاء ، والشهادة هي الالتحاق بال البيت الأطهار ...

دولة الرئيس 
هل شاهدت إيرانيا يهتف باسم ايران في منازلة أو معركة أو حتى مباراة كرة قدم ..هو يهتف باسم الحسين ، لأن الحسين هو الوطن والقدوة ..ولأن كربلاء حالة يعيشها يوميا ، وهو ينظر لهذه المعركة الحالية على أنها امتداد لكربلاء ...هو يقاتل اسرائيل ويتحملها ويتحمل القصف ويفرح بالدم ، لأن الظلم في هذا المذهب هو ضرورة ملحة لعودة الإمام محمد المهدي ، وما تعيشه إيران من ظلم الان ينظر له في الحوزة على أنه جزء من الفرج القادم ، وينذر بعودة الإمام محمد المهدي .

دولة الرئيس :
نحن للأسف لم نفهم البنية الإيرانية ، نركز على النظام السياسي ..ولكن ننسى أن (الإثني عشرية) هي جزء أصيل من المجتمع ، وقد نجحت الثورة في تحويل أكثر سكان إيران إلى هذا المذهب ...والمرشد الأعلى للثورة الإسلامية هو ليس بالقائد هو يمتلك رمزية روحية ، هو والي الفقيه غير المعصوم ..هو يحظى بقداسة ، وفي الحوزة ينظر له على أنه وكيل المهدي المنتظر في الأرض ...أمريكا ربما تراجعت عن اغتياله لأنها تدرك أن كل شيعي في العالم يصنع من نفسه (قنبلة موقوتة) في حال المساس به ، أمريكا ستستفز شيعة العراق وباكستان وأذربيجان ..واغتياله هو بمثابة إنتاج كربلاء جديدة ، وإعادة بعث القوة في المذهب ...
دولة الرئيس 
في الحرب العراقية الإيرانية ، وفي عقيدة الحرس الثوري ..الذي تربى فيه حسن سلامي تربية دينية مذهبية ، كان الجندي يقاتل العراق لأجل الوصل للمراقد وأولها مرقد الحسين ...كان حينما يتقدم لايوقفه شيء غير الموت ، هذا يدلل على أن مفهوم الوطن في إيران هو الحسين ، هو الأئمة الذي استشهدوا في كربلاء ...هو زينب التي سبيت ، هو (الشمر) قاتل الحسين ، فقد نظر الشيعة له على أن أكبر ظلم حدث في البشرية ، هي اللحظة التي وضع فيها الشمر قدمه على صدر الحسين وقام بجز رأسه ، إن أسوأ ظلم عرفته البشرية هو أن توضع أوسخ قدم في العالم على أطهر صدر ...
الإيرانيون ، لايعيشون الان في ظل صراع عسكري ، لايعيشون الان في ظل معركة تتحكم فيها التكنلوجيا ، ولا ينظرون للأمر على أنه منازلة عسكرية ...بقدر ما ينظرون له على أنه امتداد لكربلاء ، وأنها أيام نصرة الحسين والأخذ بثأر ( أبو القاسم العباس) ..والأهم الأخذ بثأر زينب التي لقبوها في المذهب (عمة السادة) ...وتعرف يا سيدي أن زينب شقيقة الحسن والحسين بنت فاطمة الزهراء ، قد تم سبيها في كربلاء إلى ديوان بني أمية ، ومعظم اللطميات الشيعية ..تسرد قصة السبي هذه وكيف ضربت وقيدت وأسرت ...
حين بدأت الحرب شهدت  أكبر ساحة في طهران تظاهرة مليونية ، وما لفت الإنتياه هو قيام بنت من التيار الإصلاحي بخلع حجابها والصراخ والدعوة للثأر ، العالم ظن أنه خلع الحجاب هو تمرد على الثورة ، القصة لم تكن كذلك ..القصة هي أنها أرادت استعادة صورة زينب حين قتل أشقاؤها الحسين والعباس في كربلاء ..وحين تركت الخيمة في الطفوف ثم صعدت تلة ، وخلعت حجابها حزنا على فراق الحسين وقتله ، هذه الصبية استعادت كربلاء وزينب ..لكن للأسف صحف أمريكا بغبائها المفرط اعتبرت الأمر تمردا على المرشد ، وبداية للإنقلاب عليه .
دولة رئيس الوزراء :
الناس لدينا بحاجة لأن تفهم طبيعة من يقاتل ، الناس بحاجة لأن نفكك مشهد الفسيفساء الإيراني ، وأن نوضح لهم أن إيران لا تقسم ولا تذوب وتخوض معركة في ذهن النظام والناس هي معركة دينية وتمثل امتدادا لكربلاء ...هي معركة المذهب لأن الحسين هو الوطن والعباس يمثل الحرس الثوري ..هم يرفعون رايته ويسمونه في العراق (ابو راس حاره ) ..فقد كان شديد الغضب ، وهو من اقتحم سرايا الجيش الأموي في كربلاء وأحضر الماء ...
من يظهرون على شاشاتنا الرسمية يمارسون التجهيل ، لايعرفون أن صراعنا مع إيران كان يقوم على المذهب ، وليس على قاعدة المصالح أو تبادل الأدوار أو الإقتصاد ، وما تفعله إسرائيل الان هو ترسيخ لفكرة المظلومية في المذهب (الإثني عشري) ..ما تفعله إسرائيل هو التأكيد على أن إيران هي وريثة كربلاء ، وهي المطالبة بأخذ ثأر الحسين ، ما تفعله هو التأكيد على أن المرشد يمثل ولاية الفقيه بأبهى حقيقة .
لهذا القصة ليست في تدمير مفاعل هنا أو هناك ليست في تدمير الجيش الإيراني كله لكن القصة هي تبعات ما بعد المعركة ، فقد دخلوا العراق ..وبغبائهم سلموه في فترة ما للحوزة ...
دولة رئيس الوزراء .
نحن في قلب العاصفة ، ونحتاج لأن نفهم طبيعة من يقودون المعركة ...وأن نفهم أن من يتلذذون بانتقاد إيران وتوسعها وهيمنتها ، ومن يكيلون الشتم ...لها لايدركون أن الذهنية (الإثني عشرية) ، تنظر للمعركة على أنها انتصار السيف على الدم ...ولا تدري أنهم سيقاتلون حتى اخر رمق .
دولة الرئيس 
حتى مؤسساتنا الرسمية تحتاج أن تشرح للعالم ، عن إيران ما قبل الثورة وإيران ما بعد الثورة ، نحتاج أن يفهم العالم كله ، أنه الان بهذه المعركة يعيد انتاج المذهب (الإثني عشري) بشكل أقوى ,اكثر تمددا ...وأكثر شراسة .
وضع إعلامنا محزن ، وأحزن على محطة المملكة التي أنفقنا عليها الملايين ..ومازالت قابعة في إطار ، الكلام المجرد ..لم تصل حد مخاطبة وعينا للأسف .

حماكم الله .