الدويري يقدّم نصيحة ذهبية لإيران

 

حذر الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء المتقاعد فايز الدويري من تداعيات الوتيرة المتسارعة لعمليات استهداف القيادات العسكرية الإيرانية، معتبراً أن استمرار إسرائيل في تنفيذ هذه الضربات النوعية يكشف عن ثغرة أمنية عميقة لم تتمكن طهران من سدّها حتى الآن، مما يهدد بتقويض استقرار القيادة والسيطرة داخل الجيش الإيراني.

وفي تحليل عسكري لقناة الجزيرة، قال الدويري إن تصفية رئيس أركان الحرب الجديد في إيران، علي شادماني، بعد 56 ساعة فقط من تعيينه، تمثل مؤشراً خطيراً على ضعف الإجراءات الاحترازية الإيرانية، مضيفاً أن الخلل لا يقتصر على الجوانب التقنية أو التكنولوجية، بل يمتد إلى اختراقات بشرية وهيكلية في البنية التنظيمية العليا.

وبحسب ما أعلنه الجيش الإسرائيلي، فقد تم استهداف مقر في قلب العاصمة الإيرانية طهران أسفر عن مقتل شادماني، الذي كان يُعد من أقرب القادة العسكريين إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، وكان مسؤولًا عن قيادة غرفة "خاتم الأنبياء" للطوارئ التي تدير العمليات الحربية وخطط إطلاق النار.

اضطراب في القرار العسكري

وأوضح الدويري أن التغييرات المتكررة في المناصب العسكرية العليا خلال فترات قصيرة تُحدث اضطراباً هيكلياً خطيراً في عملية صنع القرار العسكري الإيراني، خاصة في ظل تصعيد إقليمي غير مسبوق. وقال: "من غير المقبول أن تُغيَّر قيادة الحرب كل 48 ساعة... فهذا يضعف القدرة على التنسيق وإدارة المعارك المعقدة."

وأكد أن القادة العسكريين في مثل هذه المواقع الحساسة يفترض أن يعملوا من مواقع مؤمنة بالكامل، دون استخدام وسائل اتصال قابلة للتتبع، محذرًا من أن انكشاف رئيس الأركان الجديد بهذه السرعة أمام خصم تقني كإسرائيل يعكس تقصيراً استخبارياً خطيراً.

ضغوط نفسية وشلل في القيادة

وأشار اللواء الدويري إلى أن الأثر النفسي لاغتيال قائدين كبيرين خلال 72 ساعة سيكون مديدًا ومؤثراً على مجمل القيادات العسكرية الإيرانية، إذ يعزز شعور الخطر الشخصي وعدم الأمان، وهو ما يُنتج ضغطًا داخليًا مستمرًا ويُربك كفاءة اتخاذ القرار.

وقال إن "الأثر النفسي لا يقل خطورة عن الأثر المادي"، حيث تسعى إسرائيل من خلال هذه العمليات إلى زرع هاجس الاغتيال والمطاردة، وشلّ قدرة القيادة الإيرانية على التخطيط بثقة.

رسائل إسرائيلية متعددة

وخلص الدويري إلى أن إسرائيل ترسل رسائل متعددة بهذه الضربات، من بينها إثبات عمق الاختراق الأمني، وإيصال رسالة نفسية للقيادات العليا مفادها أن "لا أحد بمنأى عن الاستهداف"، مهما بلغ موقعه أو أهميته.

وأشار إلى أن الهدف النهائي من هذه السياسة هو تحويل كل قرار عسكري إيراني إلى مساحة توتر وقلق أمني دائم، بما يعطل سرعة الرد ويُربك عملية اتخاذ القرار في وقت حساس.

وفي ختام تحليله، دعا الدويري إيران إلى تبني منظومة حماية مشددة تشمل القادة العسكريين والسياسيين والعلماء، عبر إنشاء "ستار حديدي أمني" يضمن لهم بيئة آمنة لتنفيذ المهام الإستراتيجية بعيدًا عن خطر الاستهداف اليومي.