أ. د.ريم مرايات تكتب:الحكمة الضائعة
أ. د.ريم مرايات
لا توجد حكمة في المواجهة القائمة حالياً بين إسرائيل وإيران ، إذ مما يثير العجب أن يقوم نتنياهو بمهاجمة الدولة الإيرانية في عقر دارها بشكل أدى إلى انفجار المواجهة العسكرية والاشتباك بين الطرفين على النحو الذي يشهده العالم حالياً.
كانت رؤية نتنياهو ضرورة مهاجمة إيران ومجاهرتها بالعداء الفعلي عبر العمل العسكري من باب أن الحكمة في استباق الأحداث ، وبناء على ظن أن إيران تنوي مهاجمة إسرائيل بصورة وشيكة ، مع تأكيده للشعب اليهودي أن الإسراع في تنفيذ الضربة العسكرية هو خيار وجودي لحماية مستقبل الدولة العبرية ، وأن مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية ضرورة وأولوية قصوى . دون الأخذ في الاعتبار فداحة خطورة هذه الخطوة إنسانياً وعالمياً .
إن فتح إسرائيل جبهة حربية مع دولة كبرى اختارت الجلوس على طاولة المفاوضات، دون براهين واقعية مادية ملموسة على رغبتها في الإيذاء ، هو مغامرة غير محسوبة النتائج ، ولا أحد يمكنه تصور تداعياتها على الاستقرار والسلم العالميين، وقد اضطرت إيران للرد كما شاهد العالم دفاعاً عن سيادتها وكرامتها الإنسانية، فأين الحكمة في مواجهة كيان صغير لقارة راسخة بحجم إيران ، مهما كانت قدرات هذا الكيان العسكرية وقدرات من يدعمه ؟!! مع العلم أن التسلح النووي منذ قام هو للردع وليس للاستخدام الفعلي .
حين تقوم الحرب لا يوجد أحد يكسب على حساب الطرف الآخر ، فالكل خاسر، خاصة في غياب التكافؤ، إذ حتى لو امتلكت إسرائيل ترسانة أسلحة فتاكة فلدى الإيرانيين عقيدة قتالية، وعزم على إعادة البناء، وجلد على القتال حتى أمد بعيد ، وهذا لا يعمل لصالح كيان صغير ، الأصل أن ينحى نحو السلم حفاظاً على حياة مواطنيه .
على الولايات المتحدة وأوروبا وقطر ومسقط التي استضافت المفاوضات ودعاة السلم في العالم وترامب شخصياً أن يتدخلوا الآن وقبل فوات الأوان، ليوقفوا جماح هذا التصعيد العسكري بين الطرفين ، لأن ما يجري حالياً هو ضرب من الحكمة الضائعة، ولأن العالم لا ينقصه المزيد من المعاناة الإنسانية والتدهور الاقتصادي والانهيار الدولي.