ضربة الافتتاح... هل فتحت إسرائيل أبواب التصعيد مع إيران؟

قال أستاذ العلوم السياسية الدكتور الحارث الحلالمة إن الهجوم الإسرائيلي الأخير على الداخل الإيراني لا يشبه ما سبقه من عمليات محدودة أو استهدافات موضعية. 

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أننا أمام ضربة نوعية من حيث التوقيت، لا المبدأ؛ إذ كانت إيران تترقب تصعيدًا عسكريًا كهذا، إلا أن المؤشرات كانت تُجمع على أن أي هجوم واسع النطاق سيأتي بعد فشل الجولة المقبلة من المفاوضات المقرر عقدها يوم الأحد في مسقط، سلطنة عُمان.

وبيّن الحلالمة أن ما حدث، سابق للتوقعات، ويحمل في مضمونه أبعادًا استراتيجية، فالضربة الافتتاحية، كشفت عن ضعف ملموس في المنظومة الأمنية والاستخبارية الإيرانية، بعدما تمكنت إسرائيل من تنفيذ هجوم دقيق استهدف الصف الأول من القيادات العسكرية، بما في ذلك قائد الجيش، إلى جانب منشآت نووية حساسة، مضيفًا أن هذا لا يترك مجالًا للشك بأن تل أبيب تدرك جيدًا مكامن الضعف البنيوي في البنية الدفاعية الإيرانية.

ونوّه إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، ورغم تصريحاتها العلنية بعدم المشاركة في التخطيط أو التنفيذ، إلا أنها منحت ضوءًا أخضر ضمنيًل، يهدف إلى دفع طهران لتقديم تنازلات في المفاوضات، خصوصًا بعد تلميحات الرئيس الأمريكي ترامب المتكررة عن خيبة أمله من تعنت الإيرانيين في المسار الدبلوماسي.

ورغم التوقعات بأن إيران قد تُظهر مرونة تفاوضية، إلا أن ذلك لن يبلغ حد القبول بتصفير التخصيب أو التفكيك الكامل للبرنامج النووي، وفقًا لما صرّح به الحلالمة لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، مستطردًا أن إيران، الدولة التي تحمّلت أكثر من 8 آلاف عقوبة على مدى سنوات طويلة، لن تُفرّط بمكاسبها النووية بهذه البساطة، ولا يُتوقع أن تتنازل عن حقها في تخصيب اليورانيوم، حتى وإن وافقت على العودة إلى بعض بنود اتفاق 2015.

وأردف أن الضربة، على ما يبدو، تهدف إلى تغيير قواعد الاشتباك في الإقليم، وإعادة تشكيل معادلة الردع، فإسرائيل، بغطاء أمريكي مرن، تسعى إلى استعادة هيبتها العسكرية بعد تآكلها في غزة والضفة، وتسويق نفسها كقوة إقليمية قادرة على فرض إرادتها في العمق الإيراني.

أما داخليًا، فيبدو أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يستخدم هذا التصعيد كأداة لحماية حكومته المتأرجحة، وضمان بقاء الائتلاف اليميني على قيد الحياة السياسي، وسط انتقادات داخلية متزايدة لسياسته في قطاع غزة والضفة الغربية، كما قال.

واستطرد الحلالمة قائلًا إن حسابات الميدان لا تزال مفتوحة، فإيران، رغم ضربة البداية، قد تختار الرد بطريقة محسوبة لتفادي تصعيد شامل لا تملك القدرة الاقتصادية أو العسكرية على تحمّله، وربما تدخل طهران في دوامة "الرد المحدود" الذي يحفظ ماء الوجه دون الانزلاق إلى حرب شاملة.

واختتم حديثه بالقول إن هذه الجولة من الصراع وكأنها اختبار لأعصاب الطرفين، وفرصة لإعادة ضبط موازين التفاوض لا أكثر، لكن تبقى المسألة الأهم مرتبطة بأي مدى ستصمد إيران قبل أن تُرغَم على القبول برقابة دولية شاملة على برنامجها النووي، ولو دون وقف التخصيب بالكامل، وهل ستتمكن من تحويل الضربة إلى فرصة سياسية، أم أنها ستدخل مرحلة جديدة من الانكشاف الاستراتيجي؟