الماضي لـ"أخبار الأردن": الضربة الإسرائيلية جاءت لتقلب الطاولة

قال أستاذ علم الاجتماع السياسيّ الدكتور بدر الماضي إن الضربة الإسرائيلية الأخيرة على إيران جاءت لتقلب الطاولة، وتضع المنطقة مجددًا أمام سيناريوهات التصعيد الواسع.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن طهران، في ضوء هذه التطمينات، جنحت إلى قراءة هادئة للمشهد، وأظهرت نوعًا من اللامبالاة حيال التحضيرات الإسرائيلية المتسارعة، معتبرة أن أي عمل عدائي من تل أبيب لا يمكن أن يتم بمعزل عن التنسيق مع واشنطن.

وبيّن الماضي أن المفاجأة الكبرى تمثلت في تنفيذ إسرائيل لضربة جوية نوعية استهدفت منشآت إيرانية حيوية على صلة مباشرة ببرنامج التخصيب النووي، وإذا صدقت الرواية الأمريكية التي تنفي علمها المسبق أو مشاركتها في التخطيط للعملية، فإن إسرائيل تكون بذلك قد تجاوزت سقف التفاهمات مع حلفائها الغربيين، وأرادت أن ترسل رسالة واضحة مفادها أنها هي من يملي شروط اللعبة الإقليمية، حتى على طاولة الحلفاء.

وذكر أن هذه الضربة، في مضمونها وتوقيتها، تعكس الرغبة الإسرائيلية في فرض رؤيتها الخاصة على أي مسار تفاوضي، حتى وإن تعارض ذلك مع مواقف واشنطن أو الأوروبيين، إذ يبدو جليًا أن قدرة الولايات المتحدة والدول الأوروبية على ضبط إيقاع القرار الإسرائيلي آخذة في التآكل، حيث أصبح نتنياهو، على نحو متزايد، صاحب الكلمة الأعلى في تحديد حدود الفعل ورد الفعل.
وأردف الماضي أن خيارات طهران في الرد تبدو محدودة ومعقدة، فالمعادلة الإقليمية الجديدة، التي تتضمن تواجدًا عسكريًا أمريكيًا كثيفًا واستعدادًا إسرائيليًا عاليًا لأي تطور، تجعل من أي رد مباشر مغامرة قد تفضي إلى نتائج كارثية، فالمؤسسات الأمنية والعسكرية الإيرانية لا تملك، عمليًا، البنية اللازمة لخوض مواجهة مفتوحة بهذه الحدة، خاصة مع ما كشفته الضربة من هشاشة الداخل الإيراني أمنيًا وتكنولوجيًا.

وذكر أن إسرائيل أثبتت مرة أخرى قدرتها على التغلغل داخل العمق الإيراني، سواء في الجو أو الأرض أو حتى عبر تقنيات الاختراق الإلكتروني، فقد أُصيبت منشآت تخصيب نووي، وقُضي على شخصيات بحثية وعسكرية رفيعة، وهو ما يُعد رسالة بالغة الوضوح تتمثل بأنه لا ملاذ آمن في إيران، حتى داخل منشآتها الأكثر تحصينًا.

أما الرد الإيراني المحتمل، فبحسب كل المؤشرات، سيبقى محدودًا ورمزيًا في أقصى تقدير، إما من خلال تصريحات عالية السقف، أو عبر تحريك بعض الوكلاء في ساحات النفوذ التقليدية، دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة، وفقًا لما صرّح به الماضي لصحيفة "أخبار الأردن"، مضيفًا أن الحسابات الإيرانية تدرك بأن أي انخراط مباشر في صدام مفتوح مع إسرائيل، في هذه المرحلة بالذات، قد يؤدي إلى تصدع داخلي عميق يُضعف قبضة النظام أكثر مما يقوّي موقفه التفاوضي.

وأردف أن الضربة الإسرائيلية تمثل تطورًا استراتيجيًا لافتًا، في طريقة تعاطي إسرائيل مع شركائها الدوليين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، مستطردًا أنها وجهت ضربة موجعة لطموحات إيران النووية، وقد تكون بداية لمسار جديد من الضغوط المركبة، قد تُفضي إلى إعادة تموضع إيراني قسري في الإقليم، وإلى مراجعة عميقة لمعادلة الردع التي كانت تراهن عليها طهران.