القصاص يكتب : من "نظام الفزعة" إلى استراتيجية إعلامية حكومية ..

 د. مالك القصاص

نظام الفزعة هو رد فعل سريع على حدث معين، وبشكل غير منظم وغير مؤسسي، تظهر عادة في الإعلام المحلي او على وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصا في ظل الازمات السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية، او القضايا الوطنية أو الإقليمية.

في ذات السياق، يعتبر نظام الفزعة استجابة عاطفية وعفوية، دون مرجعية استراتيجية، تظهر بدافع الغضب، أو التضامن، أو الشعور بالظلم، بالإضافة الى الهوية والانتماء، سواء كانت وطنية، او دينية، أو مناطقية، او قبلية.

على الصعيد الأوروبي، اتخذ التحول من نظام الفزعة الإعلامية إلى استراتيجية إعلامية حكومية منظمة ومدروسة منحنى مؤسسي منذ عقود، خاصة في ظل الطبيعة الديمقراطية للإعلام وتعددية الأصوات، وأصبح مسار واضح وملموس في أغلب الدول الأوروبية، لكن بوتيرة وسياقات تختلف من بلد إلى آخر حسب المنظومة السياسية والإعلامية لكل دولة.

على الصعيد الإيطالي، قامت إيطاليا بعمل العديد من الاستراتيجيات والخطط الإعلامية تهدف إلى إدارة المعلومات والأزمات والتواصل مع المواطنين، والتي تعتمد على أدوات رسمية ومؤسساتية، وتوظف التكنولوجيا، والبيانات، وخبراء الإعلام، لتوحيد الرسائل وبناء الثقة وحماية السمعة الوطنية.

في ذات السياق، تشكل وحدة الاتصال المؤسسي في رئاسة الوزراء الإيطالية، وهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيطالية (RAI)، ووزارة الإعلام الرقمي والتقنيات، منظومة إعلامية متكاملة تهدف إلى توحيد الرسائل الرسمية، والتصدي للأخبار الزائفة، والإشراف على الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، وضمان التنسيق الإعلامي الفعّال خلال الأزمات.

أخيرا وكعادتي لابد ان اتناول الموضوع من زاويتي الأردنية حيث يتطرق الى ذهني مشكلة الاعلام وخصوصا في ظل ما يشهده الأردن من حملات تشويه وتضليل، واسأل نفسي: هل يمكن عمل استراتيجية إعلامية حكومية متكاملة للعمل على توحيد الاعلام الرسمي، وتعزيز خطاب الدولة والسردية، والتصدي للأخبار الزائفة، مع الاخذ بعين الاعتبار الاستفادة من خبرات البلدان الأخرى؟ نحن اليوم بأمس الحاجة إلى إنشاء وحده او هيئة رسمية تُعنى بإعلام الدولة، ولتطوير خطاب إعلامي قوي وفعّال قادر على التصدي لأي حملات إعلامية مغرضة. كما ولابد من الانتقال من "الرد" إلى "المبادرة" في الخطاب الإعلامي، والذي يمكن ان يساهم في بناء الثقة المطلوبة بين الشعب وقواه المجتمعية ومؤسسات الدولة. وبالإضافة الى ذلك، يمكن أن تساهم هذه الاستراتيجية في توضيح الخطط الوطنية والجهود الإصلاحية في المجالات السياسية والاقتصادية بكل شفافية. كما ولابد أن تتضمن هذه الاستراتيجية خططًا لتطوير قوة ناعمة إعلامية أردنية، لتعزيز صورة الأردن على الساحة الدولية.