دلالات انتقال مفاوضات واشنطن وطهران إلى روما
قال مدير برنامج الدراسات الإيرانية في مركز الدراسات الإقليمية الأستاذ الدكتور نبيل العتوم إنه وسط تكتم إعلامي لافت، تتواصل المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن الملف النووي، في ظل غياب معلومات واضحة حول التقدم الفعلي الذي تم إحرازه، واستمرار تباين وجهات النظر حول النقاط الجوهرية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن واشنطن تصر على تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل وفرض سياسة "صفر تخصيب"، مقابل تمسك طهران بخيار التجميد المؤقت لعمليات التخصيب، خاصة تلك التي تتجاوز 60%، إلى جانب قبول جزئي بتفكيك أجهزة الطرد المركزي الحديثة.
وأشار العتوم إلى أن نقل المفاوضات من مسقط إلى روما يُعد مؤشرًا على حجم العقبات التي تعترض مسار التفاهم، رغم وجود قناة فنية فرعية أُنشئت في وقت سابق لمحاولة ردم الفجوة، دون أن تحقق نتائج ملموسة.
وأضاف أن الولايات المتحدة تعتمد على أدوات ضغط متعددة، تتراوح بين تشديد العقوبات الاقتصادية على قطاعات الطاقة والمصارف والبتروكيماويات، والتهديد بالخيار العسكري عبر تنسيق محتمل مع الحلفاء الإقليميين، فيما تحتفظ إيران بأوراق ضغط إقليمية، من خلال تفعيل أذرعها في اليمن والعراق ولبنان، بالإضافة إلى التلويح برفع مستوى التخصيب ورفع مستوى التهديد الأمني في الخليج دون التورط في مواجهة مباشرة.
وعن السيناريوهات المحتملة، لفت العتوم الانتباه إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق مبدئي مؤقت يمتد بين 6 إلى 12 شهرًا، يخفف بعض العقوبات مقابل التزامات إيرانية بعدم تجاوز نسبة تخصيب 60%، وعدم توسيع نشاط أجهزة الطرد المركزي التي يتجاوز عددها 21,000 جهاز.
وفسّر العتوم دوافع الطرفين نحو هذا السيناريو؛ فإدارة بايدن تسعى لتفادي اندلاع أزمة إقليمية قد تتطور إلى حرب شاملة، بينما تطمح طهران للحصول على متنفس اقتصادي دون تقديم تنازلات استراتيجية.
وحذّر من أن الاستمرار في سياسة شراء الوقت من الجانب الإيراني قد يُثير حفيظة "الصقور" في كلا الطرفين، سواء في الحرس الثوري أو داخل الكونغرس الأميركي، وهو ما قد يقود إلى أحد سيناريوهين: الجمود التفاوضي المترافق مع إجراءات استفزازية متبادلة تشمل رفع نسب التخصيب، وتشديد العقوبات، بل وربما شن ضربات محدودة أو سيبرانية، أو في أسوأ الأحوال، الانزلاق إلى مواجهة شاملة – احتمال لا يزال ضئيلًا، لكنه يظل واردًا في حال انهيار المسار الدبلوماسي بالكامل.
واختتم العتوم بالإشارة إلى البُعد التقني في الملف النووي، موضحًا أن عمليات تخصيب اليورانيوم تتطلب قدرات معقدة تقنيًا، فاليورانيوم يُحوّل أولًا من حالته الصلبة إلى الغازية، ثم يُعالج داخل أجهزة الطرد المركزي، التي تُستخدم لفصل النظائر، إذ تختلف نسب التخصيب بين الاستخدام السلمي، الذي يتطلب أقل من 5% من "يورانيوم-235"، والاستخدام العسكري الذي يتطلب تخصيبًا يتجاوز 90%.