القصاص يكتب: عيد الاستقلال: نحو دولة المؤسسات والقانون
د. مالك القصاص
عيد الاستقلال ليس مجرد يوم عادي في التقويم، إنه مناسبة وطنية عظيمة تحمل في طياته معانٍ عميقة تتجاوز مجرد التحرر من الاستعمار. هذا اليوم يمثل نقطة التحول التي بدأنا فيه رحلتنا نحو بناء الدولة الحديثة.
عندما نحتفل بهذه المناسبة، نتذكر كيف تحولت بلادنا إلى دولة ذات سيادة. لكن السيادة وحدها لا تكفي، فالدولة الحقيقية تقوم على أسس متينة من المؤسسات والقوانين العادلة التي تحمي حقوق الجميع.
في ظل دولة المؤسسات والقانون، يصبح القانون هو الحكم الأعلى، لا مكان فيه للتمييز أو المحسوبية. كل مواطن يعرف حقوقه وواجباته، وكل مسؤول يدرك حدود صلاحياته. هذا هو المعنى الحقيقي للاستقلال الذي نريده.
الشفافية والمساءلة في إدارة شؤون الدولة ليست خيارًا، بل ضرورة لبناء الثقة بين الدولة والمواطن. المواطن الذي يشعر أنه شريك حقيقي في وطنه، سيكون أول المدافعين عنه.
الاحتفال بالاستقلال يجب أن يكون فرصة للتأمل في مسيرتنا الوطنية. كم تقدمنا في بناء الدولة الحديثة؟.
التحديات اليوم مختلفة عن تحديات الأمس، لكنها لا تقل أهمية. المواطنون ينتظرون من مؤسساتهم أن تثبت جدارتها في مواجهة هذه التحديات، تمامًا كما واجه أجدادهم تحديات نيل الاستقلال.
تضحيات الإباء والاجداد من أجل الاستقلال تفرض علينا واجبًا مقدسًا. واجب الحفاظ على ما تحقق، والسعي الدؤوب لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة. هذا هو أقل ما يمكن أن نقدمه لهم.
في هذا السياق، يُصبح عيد الاستقلال ليس فقط ذكرى وطنية، بل دعوة دائمة لحماية منجزات الدولة المدنية وتعزيز بنية المؤسسات، كي تبقى قادرة على مواجهة التحديات، وصون كرامة الإنسان، وتحقيق التنمية والعدالة.
كما ان التمسك بقيم الدولة المؤسسية والمدنية ليس ترفًا، بل هو استحقاق لكل التضحيات، وضمانٌ لمستقبل آمن مزدهر للأبناء.
وفي الختام، نسأل الله أن يحفظ الأردن، أرضاً وقيادة وشعباً، وأن يديم على وطننا الغالي نعمة الأمن والاستقرار والتقدم، وان يديم رايته خفاقة في سماء دولة المؤسسات والقانون.
وكل عام وأنتم والوطن بألف خير.