استقلال الأردن … حكاية وطن يكتبه ملك ويصونه شعب

 الدكتور حمدان عبدالقادر غنيمات

"الأردن هو وطني، وشعبي هو سندي، وسأبقى كما كنت دائمًا، جنديًا أردنيًا، لا يعرف التراجع ولا يرضى إلا بالإنجاز." - جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين-

في كل 25 من أيار، لا نكتفي بتذكّر التاريخ، بل نعيد كتابته بفخر، نعيشه كما لو كان اليوم الأول للاستقلال. إنه موعد مع الذات الوطنية، نستعرض فيه المسيرة لا من باب الحنين، بل من نافذة الثبات على العهد، والوفاء لفكرةٍ وُلدت على يد الهاشميين، وتربّت في حضن شعبٍ لا يعرف إلا البذل.

قيادة تتقدم رغم العواصف

منذ أن تسلّم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، حمل الأردن في قلبه، ومضى به بثبات وسط منطقة لا تعرف السكون. لم تكن الطريق مفروشة بالورود، فالتحديات كانت جسامًا، والأزمات لا تنتهي، لكن حكمة القيادة الهاشمية أخرجت الوطن من بين أنياب العواصف، وكرّست الأردن نموذجًا للاعتدال والسيادة المستقلة.

جلالة الملك لم يكن قائدًا يوجّه من بعيد، بل كان حاضنًا لقضايا شعبه، داعمًا لمظلوميته، حريصًا على كرامته. قاد الإصلاح، ودفع باتجاه اقتصاد منتج يُعلي من قيمة العمل، ويُقلّص من مساحة الحاجة، وجعل من العدالة الاجتماعية بوصلةً لكل السياسات.

ولي العهد… جيل جديد بعزيمة الأوائل

وفي لوحة الاستقلال التي تتجدد كل عام، يطلّ سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ليس كوريثٍ فقط، بل كفاعل حاضر في قلب المشهد. بزيّه العسكري، وابتسامته القريبة، ومبادراته التي تلامس الشباب والتعليم وريادة الأعمال، يكتب سموه سطورًا جديدة في دفتر القيادة، مؤكدًا أن الجيل الجديد قادر على أن يحمل الشعلة، ويُكمل المسيرة.

الاستقلال بالنسبة له ليس ذكرى فقط، بل مسؤولية يومية، تُترجم إلى زيارات ميدانية، وخطاب عقلاني عالمي، ومبادرات وطنية تُعبّر عن وجع الناس وتطلعاتهم.

مؤسسات الدولة… درع الوطن وسنده

لم يكن الاستقلال ليصمد لولا تلك المؤسسات التي تقف كل يوم على ثغور الوطن، تحرسه بالفكر كما بالسلاح. الجيش العربي، المخابرات العامة، الأمن العام، وغيرهم، هم جنودُ صمتٍ وإنجاز، يقدّمون نموذجًا فريدًا في المهنية والانضباط.

أما الحكومات، ورغم كل الصعوبات، فقد واصلت العمل وفق توجيهات القيادة، مستندة إلى إرادة التحديث، ومحاولات جادة في تطوير الإدارة العامة وتحسين الخدمات.

الاستقلال… فكرة لا تموت

الاستقلال ليس تاريخًا نحتفل به، بل سلوك نعيشه، ومبدأ نؤمن به. هو الحرية في القرار، والكرامة في العيش، والانتماء النقي. هو وعدٌ قطعه الآباء، ويجدد الأبناء العهد عليه. ومع كل ذكرى، نُدرك أن الأردن ليس فقط على الخريطة… بل في القلب، في القيم، في الموقف.

في وطنٍ كهذا، بقيادة هاشمية راشدة، وشعب لا يرضى بالقليل، وجيشٍ يحمي ولا يهيمن، نحتفل لا لأن التاريخ يُجبرنا، بل لأن الحاضر يُلهمنا والمستقبل ينتظرنا.

كل عام والأردن أعزّ،
كل عام ونحن نستحقّ الاستقلال أكثر،
كل عام وإرادتنا كما كانت… لا تنكسر.