استطلاع: أكثر من 80% من اليهود الإسرائيليين مع ترانسفير غزة وأكثر من نصفهم مع تهجير المواطنين العرب
كشفت نتائج استطلاع رأي أُجري في شهر آذار/مارس الماضي عن مستويات مقلقة من التأييد داخل المجتمع اليهودي في إسرائيل لأفكار تتعلق بالتطهير العرقي، وحتّى الإبادة الجماعية المستندة إلى مفاهيم توراتية. الاستطلاع، الذي شمل عينة مُمثّلة من 1,005 أشخاص من المواطنين اليهود، أُنجز لصالح جامعة "بن ستايت" الأميركية، وتضمن مجموعة من الأسئلة "غير المهذبة" التي نادرًا ما تُطرح في استطلاعات الرأي الاعتيادية في إسرائيل.
وهذه المعطيات وردت في تحليل قدّمه الباحثان شاي حزكاني وتمير سوريك في مقال نُشر في صحيفة "هآرتس"، إذ يعتقدان أنه لا يمكن فصلها عن مشروع أيديولوجي متكامل صاغه الراب غينزبورغ، الأب الفكري لحركة "فتيان التلال" الاستيطانية، على مدى عقود، يقوم على تحطيم “قشور” الدولة الصهيونية العلمانية: الإعلام، القضاء، الحكومة، والجيش، بهدف إقامة نظام يهودي توراتي راديكالي.
غينزبورغ، الذي سبق أن مجّد باروخ غولدشتاين في كتاب ، دعا إلى تحرير الجيش من "قيم الأغيار" كطهارة السلاح، والتمهيد لموجة من "الانتقام الروحي" من الفلسطينيين. ويرى الكتابان أن أحداث 7 أكتوبر كانت "لحظة الانكشاف"، التي استُغلت لتطبيق هذا الفكر عمليًا.
إبادة جماعية على طريقة "يوشع بن نون"
في إجابة على سؤال مباشر: "هل تؤيد أن يتصرّف الجيش الإسرائيلي عند احتلاله مدينة عدو كما فعل بنو إسرائيل في أريحا بقيادة يوشع بن نون، أي أن يقتل جميع سكانها؟" أجاب 47% من المستطلعين بنعم.
كما أظهر الاستطلاع أن 65% يعتقدون بوجود تجسيد معاصر لـ"عماليق"، العدو التوراتي الأسطوري، ومن بين هؤلاء قال 93% إن "وصية محو ذكر عماليق" ما زالت سارية المفعول تجاه هذا العدو الحديث.
دعم واسع لسياسات التهجير القسري
أكثر من ثمانين بالمئة (82%) من المشاركين في الاستطلاع أيدوا التهجير القسري لسكان قطاع غزة، و56% أعربوا عن تأييدهم لتهجير المواطنين العرب في إسرائيل. بالمقارنة، أظهر استطلاع مماثل أُجري عام 2003 أن الدعم لهذين الموقفين بلغ حينها فقط 45% و31% على التوالي.
اللافت أن هذه المواقف لا تقتصر على التيارات الدينية أو القومية، بل تحظى أيضًا بدعم واسع في أوساط الجمهور العلماني. فبحسب النتائج، 69% من العلمانيين يؤيدون الترحيل القسري لسكان غزة، و31% منهم يرون أن ما جرى في أريحا يجب أن يكون نموذجًا يُحتذى به من قبل الجيش الإسرائيلي.
جيل جديد تَشكَّل على قيم الإقصاء
ووفق المقال، يرى باحثون في مجال التربية أن التحول الحاد في المناهج الدراسية نحو القومية والإثنية اليهودية منذ الانتفاضة الثانية كان له أثر مباشر على هذه المواقف. فبحسب المعطيات، 66% من الإسرائيليين تحت سن الأربعين يؤيدون ترحيل المواطنين العرب، و58% منهم يدعمون "فعلًا شبيهًا بما فعله يشوع في أريحا" من قِبل الجيش الإسرائيلي.
ويُظهر هذا التحول وجود فجوة جيلية حادّة في المواقف السياسية، وهي ظاهرة ليست غريبة عالميًا، لكن اتساعها في إسرائيل منذ مطلع القرن الحادي والعشرين يُعدّ غير مسبوق.
يرى كاتبا المقال أن أحد الأسباب المركزية لتوسع هذه الأفكار هو غياب مشروع بديل للتيار الصهيوني الديني المسياني، حتى في صفوف العلمانيين، وعدم بلورة خطاب متماسك يستند إلى قيم حقوق الإنسان والمواطنة. كما أن الخوف المتزايد داخل المؤسسة التعليمية من التعبير عن مواقف إنسانية أو كونية، دفع كثيرًا من المعلمين إلى الصمت أو الخضوع للخطاب السائد، خصوصًا مع تصاعد التضييق على الأصوات المعارضة، سواء من المعلمين اليهود أو العرب.