تحديات أمنية متنامية على الحدود الشمالية
قال الخبير العسكري أيمن الروسان إن الأردن يواجه تحديًا أمنيًا متناميًا على حدوده الشمالية مع الجمهورية العربية السورية، نتيجة لحالة السيولة الأمنية المزمنة داخل الأراضي السورية، وما ترتب عليها من هشاشة في السيطرة الحدودية وغياب التنسيق الفعّال مع الجهات الأمنية السورية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذا الواقع شكّل بيئة خصبة لتنامي عدد من التهديدات المركّبة، تتراوح بين تسلل العناصر المسلحة ذات النزعة الإرهابية، وتصاعد نشاط التهريب المنظم، مرورًا بموجات نزوح غير منتظمة ذات طابع ضاغط على البنية التحتية والخدمات الوطنية، وهو ما يستدعي، بقاء القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية في حالة تأهب قصوى، ضمن استراتيجية مستمرة تتجاوز ردود الفعل الظرفية، نحو العمل الاستباقي المنهجي طويل الأمد.
وبيّن الروسان أن الأردن اتخذ قرارات جريئة ومُحكمة بتغيير قواعد الاشتباك، سواء عبر ضربات جوية محددة لأوكار المهربين والعصابات المنظمة داخل الأراضي السورية، أو من خلال تطوير أدوات الردع الدفاعي على طول الحدود الممتدة لمسافة 375 كم، في محيط يتقاطع فيه خطر بقايا تنظيم داعش في بادية تدمر والمناطق القريبة، مع احتمالات انفجار داخلي قد يفضي إلى ولادة كيانات سياسية أو عسكرية هجينة تشكّل خطرًا وجوديًا، خاصة إذا كانت على تماس مباشر مع الكيان الإسرائيلي.
ولفت الانتباه إلى خيار استراتيجي أردني ناضج، يشكل أحد أعمدة المنظومة الدفاعية متعددة الطبقات، ألا وهو مجموعة مركّبة من الإجراءات الميدانية، والمعلوماتية، والنفسية، والاجتماعية، تهدف إلى امتصاص الصدمات وتفكيك التهديدات خارج الحدود السيادية، عبر منع تسلل الفوضى إلى الداخل الأردني، والحد من انتقال الأزمات الأمنية إلى نسيج الدولة والمجتمع، وهو ما يعرف بالوسادة الأمنية.
ولعل أهمية هذا النهج الدفاعي النشط تكمن في قدرته على التعامل مع التهديد قبل تحوله إلى أزمة، وذلك من خلال التغلغل في البنية الاجتماعية الحدودية واستقطاب عناصر محلية نافذة لضمان الولاء والتعاون الاستخباري، ما يُشكّل امتدادًا للمفهوم الحديث للأمن المجتمعي – حيث تعتمد المواجهة على الهندسة الاجتماعية الوقائية والاشتباك الاستباقي متعدد المستويات، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وقال الروسان إنه في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة، تبرز الحاجة الملحّة إلى تبنّي نهج أكثر جرأة، يدمج بين السياسة الوقائية والردع الذكي، ويعتمد على استثمار الموارد الوطنية كافة لحماية الأمن القومي من الداخل وعبر تخوم الحدود، فـ"الانتظار" لم يعُد خيارًا، والوسادة الأمنية أصبحت ضرورة.