السوق العقاري يشهد تعافيًا... لكن هناك ما يستدعي القلق
قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن البيانات الصادرة عن الثلث الأول من العام 2025 تظهر إشارات متزايدة على تحسّن تدريجي في الأداء العام للقطاع، وهو ما يفتح الباب أمام احتمالات تعافٍ أوسع خلال الربع الثاني، إذا ما ترافقت هذه المؤشرات مع استقرار السياسات الاقتصادية، واستمرار الحكومة في تطبيق حوافزها الداعمة للقطاع.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه البيانات الأولية تعكس ارتفاعًا في حجم التداول العقاري بنسبة 4% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024، إلى جانب نمو ملحوظ في إيرادات دائرة الأراضي والمساحة بنسبة 11%، وهي مؤشرات إيجابية تؤشر على حيوية كامنة قد تكون قابلة للاستثمار إذا تم استيعابها ضمن مقاربة اقتصادية شاملة.
وبيّن عايش أن ما يلفت النظر بشكل خاص هو الأداء القوي الذي سجّله السوق خلال شهر نيسان، والذي شهد ارتفاعًا بنسبة 29% في حجم التداول مقارنة بنيسان 2024، و38% مقارنة بشهر آذار من العام نفسه، وهو ما يُشير إلى تحوّل نوعي في نشاط السوق، خاصة في ما يتعلّق بمبيعات الشقق والأراضي.
ونوّه إلى أن البيانات أظهرت نموًا بنسبة 6% في إجمالي مبيعات الشقق خلال الثلث الأول، إلى جانب تحسّن ملحوظ في إقبال غير الأردنيين على شراء العقارات، رغم التراجع الطفيف الذي سُجل في بعض الأشهر السابقة. ولفت عايش الانتباه إلى أن ثمة إشارات مزدوجة يجب التوقف عندها بعناية، إذ تشير الإحصاءات إلى تراجع في تملّك الأردنيين للعقارات بنسبة13% خلال الثلث الأول من 2025 مقارنة بالفترة ذاتها من 2024، إلى جانب انخفاض في مبيعات الأراضي بنسبة 3% للمواطنين و17% لغير الأردنيين، ما أسفر عن تراجع إجمالي طفيف في حركة البيع الكلية بنسبة 1%.
وذكر أن هذا التباين في المؤشرات يعكس وجود حالة من التذبذب الشهري اللافت، ما قد يشير إلى غياب استقرار واضح في وتيرة النشاط العقاري، أو إلى حالة من الحذر والتردد لدى المستهلكين، إما نتيجة للضبابية الاقتصادية، أو بسبب ترقّب تطورات السياسة المالية الخارجية، وخصوصًا نتائج مراجعة المساعدات الأميركية للأردن، وتداعيات التوترات الإقليمية المحيطة.
واستطرد عايش قائلًا إن المقارنة بين شهريّ آذار ونيسان تُظهر انخفاضًا في مبيعات الشقق بنسبة 14%، وهو ما قد يعكس حالة من الحذر الانتقائي لدى المستثمرين الأفراد، أو حتى انعدام الرؤية الواضحة لديهم تجاه مستقبل السوق، إلا أن اللافت في قراءة البيانات هو المرونة التي أظهرها السوق رغم هذه التحديات، حيث تم تسجيل صفقات نوعية ذات قيمة مرتفعة، ما يشير إلى بروز اهتمام أكبر بالعقارات الجاهزة وعالية الجودة، وربما تزايد الميل نحو الاستثمار طويل الأجل في الأراضي، خصوصًا في ظل الارتفاع الملحوظ في القيمة التقديرية لمبيعات الأردنيين بنسبة 9%.
وأردف أن هذه التحولات قد تكون انعكاسًا لواقع جديد يتشكل في السوق العقاري الأردني، نتيجة ارتفاع تكاليف البناء، وضعف التمويل المتاح للمشاريع الجديدة، ما دفع شريحة واسعة من المشترين للتركيز على العقارات الجاهزة بدلًا من الدخول في مشاريع تطوير محفوفة بالمخاطر.
أما التراجع في معاملات تملّك غير الأردنيين بنسبة 13%، فيجب النظر إليه بعين التحليل لا القلق، فقد يُعزى إلى عوامل ظرفية مؤقتة تتعلق بتغيّر قراءة المستثمر الأجنبي للمشهد السياسي والاقتصادي، أو نتيجة تشريعات ما زالت بحاجة إلى مزيد من التبسيط والتسهيل، خصوصًا فيما يتعلق بالإقامة، وتحويل الأموال، ومتطلبات التملك، رغم الجهود الحكومية في هذا الصدد، وفقًا لما صرّح به عايش لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وقال إن الأداء الإيجابي خلال شهر نيسان قد يكون أول إشارة على تعافٍ مستدام إذا استمر الزخم خلال الأشهر القادمة، إذ تبقى العوامل الحاسمة في مسار السوق هي: الاستقرار السياسي، واستمرار الحوافز الحكومية، وتطوّر نظرة المستثمرين، المحليين والدوليين، إلى البيئة الاقتصادية العامة، وإن تحققت هذه الشروط، فإن العام 2025 قد يشهد تحولًا نوعيًا في خارطة السوق العقاري الأردني.