حل حزب العمال الكردستاني.. نهاية 40 عاما من التمرد المسلح ضد تركيا

 

أعلنت وسائل إعلام تركية، اليوم الإثنين، أن حزب العمال الكردستاني قرر حل نفسه ووقف العمل المسلح داخل الأراضي التركية، لينهي بذلك أربعة عقود من التمرد الذي خلّف أكثر من 40 ألف قتيل منذ انطلاقه في ثمانينيات القرن الماضي.

ووفقاً لما نقلته وكالة فرات القريبة من الحزب، فإن هذه القرارات الحاسمة صدرت عقب المؤتمر الـ12 للحزب الذي عُقد في شمال العراق بين 5 و7 أيار/مايو الجاري، استجابة لدعوة زعيمه عبدالله أوجلان المعتقل في تركيا منذ عام 1999.

وأكدت الوكالة أن المؤتمر قرر "حل الهيكل التنظيمي لحزب العمال الكردستاني وإنهاء الكفاح المسلح وكافة الأنشطة المرتبطة بالحزب"، مشيرة إلى أن الحزب يعتبر أنه "أتم مهمته التاريخية"، وأن "المرحلة المقبلة تتطلب من القوى السياسية الكردية العمل على بناء ديمقراطية كردية وتشكيل أمة كردية ديمقراطية".

أنقرة: التنفيذ الكامل شرط أساسي

وفي أول رد رسمي، وصف عمر جليك، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، القرار بأنه "خطوة بالغة الأهمية نحو بناء تركيا خالية من الإرهاب"، لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة تنفيذ القرار بالكامل على الأرض، بما يشمل تفكيك كل أذرع الحزب العسكرية والتنظيمية والاستخباراتية غير القانونية.

وقال جليك إن الرئيس رجب طيب أردوغان سيتابع شخصياً مراحل تنفيذ هذه الخطوة، مؤكداً أن الدولة التركية ستراقب عن كثب عملية الحل.

خلفيات القرار

كان حزب العمال الكردستاني قد أعلن وقفاً فورياً لإطلاق النار في الأول من آذار/مارس الماضي، عقب رسالة من زعيمه أوجلان في فبراير، دعا فيها إلى "حل الحزب ونزع السلاح".

ووفق وكالة فرات، فإن مؤتمر الحزب الأخير جاء "استجابة لهذه الدعوة التاريخية"، حيث صادق الأعضاء على إنهاء كافة أشكال الكفاح المسلح ضد الدولة التركية.

وتصنف تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزب العمال الكردستاني كـ"منظمة إرهابية"، وقد خاضت السلطات التركية على مدى عقود صراعاً دامياً مع مسلحي الحزب الذين يتحصنون في جبال قنديل شمال العراق.

تحول استراتيجي

من جانبه، وصف الباحث في مركز تركيا الجديدة، علي أسمر، القرار بأنه "نقطة تحول تاريخية في السياسة التركية"، تتعدى الحدود المحلية إلى أبعاد إقليمية ودولية.

وقال في تصريحات إن حزب العمال الكردستاني أسس بنية استخباراتية وتجارية معقدة منذ السبعينيات، وتفكيكها سيكون تحدياً أساسياً في المرحلة المقبلة، لافتاً إلى أن هذه البنية لا تقل خطورة عن الجناح المسلح.

وأوضح أسمر أن هناك مقترحات بإنشاء مراكز لتسليم السلاح في كل من تركيا والعراق وسوريا، مشيراً إلى ضرورة التنسيق الأمني والإقليمي لتنفيذ ذلك.

كما كشف الباحث عن تسريبات تفيد بإمكانية فرز عناصر الحزب بين من ارتكبوا انتهاكات خطيرة ليُحالوا إلى المحاكم، وآخرين سيُعاد تأهيلهم ضمن برامج اندماج اجتماعي، في حين قد تُنقل القيادات البارزة إلى دول أوروبية لتجنب خطر إعادة تفعيل التمرد.

شكوك ومعارضة

ورغم التفاؤل الرسمي، تسود أجواء من الحذر في الشارع التركي، حيث تنظر بعض أطراف المعارضة إلى هذه التطورات بعين الشك، خصوصاً أنها قد تُحسب سياسياً لصالح حزب العدالة والتنمية الحاكم، في حال نجاحها في إنهاء الصراع المزمن.

تجدر الإشارة إلى أن عدة محاولات سابقة للتسوية بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني فشلت، أبرزها محادثات عام 2013 التي انهارت بعد سنوات قليلة من انطلاقها.