العزة يكتب: القطاع الدوائي الصيدلاني الاردني في الواجهة
د. محمد العزة
الأمن الدوائي بين السائل والمجيب ودور الصناعة الدوائية الأردنية المحلية واساهماتها فيه، وما تقدمه من خدمات واستراتيجيات ورؤى تهدف إلى توفير طيف واسع من المواد الدوائية والصيدلانية تغطي كافة الحالات المرضية والاحتياجات الطبية على نطاق السوق المحلي، لخفض نطاق الاعتماد على الاستيراد من الخارج.
الصناعة الدوائية والصيدلانية لا شك أن تعاني من تحديات وصعوبات تعيق تطورها وتقدمها إلى مستويات أفضل مما نحن عليه الآن، علما أن الصناعة الدوائية الأردنية تساهم بما قدره أكثر من 400 مليون دينار أردني صادرات للأسواق العربية والعالمية لكن نسبة التضخم العالية في الكلف ومصاريف التشغيل انعكست على هذه الصناعة والقطاع الصيدلاني بشكل عام، حيث لا يرتقي مستوى الانفاق على التطوير والبحث العلمي وتسجيل براءات اختراع لأدوية جديدة أو حق الترخيص الحصري لتصنيع مواد يواجه المريض الاردني صعوبة في الحصول عليها الا من الخارج، إذ يغلب على سياسة انتاج هذا الصناعة في تصنيع البدائل الدوائية التقليدية، وصل حدها إلى توفر عشرات البدائل من الصنف الواحد واتخام الأسواق بها دون طائل في حين يمكن توزيع الإنتاج لغايات تنويع المنتجات وهو ما يحفز التنافس ويحقق الربحية ويؤمن أغلبية المنتجات الدوائية التي لا تتوفر أو هناك شح فيها.
غلاء المعيشة ورفع الايجارات والكهرباء وضعف القوة الشرائية، كلها عناصر استنزفت نسبة الربح الثابتة على حساب نسب الانفاق والمصاريف الإدارية لمؤسسات القطاع الصيدلاني خاصة صيدليات المجتمع المحلي، وشكلت عبئا حيث لم يتم تعديل على نسبة الربح للدواء في الصيدليات الا في أواخر السبعينات 1979 والمشاهد يلاحظ فرق التغيرات في يومنا هذا مقارنة مع الماضي الحد الأدنى للأجور في السبعينات أو الثمانينات لا يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الحالية وكذلك ينطبق الأمر على المصاريف.
الحلقة الأضعف في هذه المعادلة هي الصيدليات التي تستقبل المنتج النهائي من الصناعة، ( بعد احتساب الكلف والأرباح التي يتم تحصيلها لصالح الجهات المصنعة أو المستوردة ) هي من تأثر أرباحها بفعل التغيرات الاقتصادية ويتطلب منه التعامل معها وجه لوجه مع المواطن سواء في التبريرات أو التوضيح بل تقدم خدمات غير مدفوعة الثمن لصرف الدواء من استشارات وساعات عمل طويلة والتعامل مع أكثر من جهة رقابية ورسمية ومالية وتشريعية وتحمل أعباء القرارات والقوانين.
الصيدلي الأردني ماهو الا مواطن واحد مكونات هذا الوطن يعيش همومه وتحدياته وهو يقدم أحد الخدمات الأساسية في المجتمع الا هي خدمة استخدام الدواء مثلها مثل الغذاء، بالرغم أن قطاع الاغذية والمواد التموينية والمشتقات النفطية وغيرها وحتى أجور الاطباء طالها الارتفاع خلال العقدين الأخيرين.
على عكس الدواء الاردني تم تخفيض أسعاره داخل السوق المحلي بشكل ملحوظ ولم يعترض كوادر القطاع بل رغم ما اضافه من عبء عليهم، استقبلوا القرار بكل سعة وغبطة، مراعاة لأحوال الطبقة الفقيرة والحالة الاقتصادية والمعيشية، وكانوا أول من تصدى لضربية الدواء ورفعوا شعار (لا ضريبة على الدواء ) وانتصر سيد البلاد وقتها وفي كل مرة لشعبه وأعطى التوجيهات لحكومة ال 17 برئاسة الملقي بسحب القرار، يضاف إن كوادر هذا القطاع قدموا أكثر من 300 شهيد خلال أزمة كورونا كونهم كانوا في الخط الاول في التعامل مع الإصابات في مواجهة الوباء، ويتم اتخاذ موقف حكومي.
لعل ضريبة هذا الموقف وانتصار كوادر هذا القطاع لشعبهم لأنهم منه (يعيشون فرحهم وحزنهم، عافيتهم ومرضهم ) يدفع ثمنها، حيث الأغلبية منه يواجه خط الفقر وشبح البطالة (علما بأقرار وزارة الصحة أنها بحاجة إلى 3 الاف صيدلي على الاقل ينوب عنهم ممرضون أو محاسبون داخل مختلف المنشآت الطبية الحكومية )، وفي القطاع الخاص يقوم العديد من الشركات بتوظيف من غير الصيادلة لغايات توفير النفقات، وهذا سبب من اسباب ضعف الدخل المادي اذا لا يتجاوز راتب الصيدلاني في القطاع الخاص 300 دينار أردني شهريا داخل صيدليات المجتمع بلا تأمين ولا ضمان وصناديق تقاعد نقابية اجراس الانذار فيها تدق خطر الإفلاس.
المطلوب موقف حكومي ونقابة الصيادلة، يكون متوازنا وحزمة من القرارات والتشريعات تشمل جميع المعنيين في هذا القطاع أفرادا ومؤسسات، تحقق معادلة عادلة تضمن توفير الدواء والخدمات المقدمة له صناعة وصرفا وتسويقا بما يحقق مصلحة الجميع، واسباب توفر بيئة معيشية ملائمة تساعد أبناء هذا القطاع على العطاء بشكل متميز.
واخيرا وليس آخرا لا يغفل على احد في الداخل والخارج ويشهد القاصي والداني بجودة الدواء الأردني وكفاءة القطاع الصيدلاني الذي يقدم هذه الخدمة وهو يعاني هذه الأيام كما يعاني اي مواطن اردني وكيف لا وهو أحد نشامى الوطن يعيش همه وتحدياته وعلى أهبة الاستعداد للتضحية لأجله جنديا حاميا لثراه أو صيدلانيا مداويا لمرضاه.