حرائق القدس تلتهم 24 ألف دونم وتفجّر أزمة داخلية في إسرائيل

 

أعلنت السلطات الإسرائيلية، اليوم الخميس، أن حرائق الغابات المشتعلة في جبال القدس التهمت أكثر من 24 ألف دونم من الأراضي، وسط عمليات إجلاء مكثفة لسكان البلدات المهددة، في وقت تصاعدت فيه الخلافات الداخلية على خلفية سوء إدارة الأزمة.

ووفق ما نقلته صحيفة "يسرائيل هيوم"، شكلت وزارة السياحة غرفة عمليات خاصة لإدارة عمليات الإجلاء، في حين قدّرت الخسائر الاقتصادية بملايين الدولارات نتيجة الأضرار الهائلة.

واندلعت الحرائق منذ صباح أمس بين القدس وتل أبيب، ولا تزال نشطة في تسع بؤر رئيسية، منها بيت مئير، شورش، شعار هاغاي، نافي إيلان، مسيلات تسيون، نافي شالوم، منتزه كندا، وعانافا.

وقد ساهمت الرياح العاتية ودرجات الحرارة المرتفعة في اتساع رقعتها، بحسب توقعات هيئة الأرصاد الإسرائيلية.

وبحسب الصندوق القومي اليهودي، وصلت المساحات المحترقة إلى 24 ألف دونم، بما في ذلك أجزاء واسعة من غابة إشتاؤول ومنتزه كندا الذي دُمّر بالكامل.

وتعمل طواقم الإطفاء على مدار الساعة، حيث شارك أكثر من 160 طاقمًا و21 مركبة وطائرات إطفاء، مع توقعات بانضمام 12 طائرة إضافية.

وأصيب ما لا يقل عن 20 شخصًا، بينهم 12 من عناصر الإطفاء، من ضمنهم مفوض الإطفاء إيال كاسبي، نتيجة الحرائق واستنشاق الدخان. وتم إخلاء عدد من المراكز الصحية والاجتماعية، بما فيها مستشفى إيتانيم للأمراض النفسية ومراكز لرعاية المسنين وإعادة التأهيل.

كما أغلقت الشرطة الطريق السريع بين القدس وتل أبيب، وتم إخلاء التجمعات السكنية المحاذية للمناطق المتضررة. وأشارت وزارة الصحة إلى احتمالية إخلاء مستشفى هداسا في حال اقتراب النيران منه، في ظل خطة طوارئ معدة مسبقاً.

وفي سياق متصل، كشف قائد منطقة القدس في هيئة الإطفاء، شموئيل فريدمان، أن الحرائق الحالية قد تكون الأكبر في تاريخ البلاد، في حين أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حالة الطوارئ الوطنية، داعيًا إلى تعزيز إجراءات الدفاع عن مدينة القدس.

وبينما لم تُعرف بعد الأسباب المباشرة لاندلاع الحرائق، أعلنت الشرطة الإسرائيلية القبض على أحد سكان القدس الشرقية بتهمة محاولة إشعال النار، ما فتح الباب أمام احتمالات وجود أعمال "إرهابية بالحرق العمد"، وفق تصريحات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي أصدر تعليمات بنشر آلاف من قوات الطوارئ في أنحاء البلاد.

وتسببت الأزمة في تصاعد الخلافات بين الجيش الإسرائيلي والشرطة. فقد اتهم سلاح الجو بن غفير بتقديم رواية "مضللة" حول تشغيل طائرات الإطفاء، مشيرًا إلى أن الإهمال وتأخير التنسيق أدى إلى تفاقم الكارثة.

من جهته، حمّل المدير العام السابق لوزارة الأمن القومي، تومر لوتان، بن غفير مسؤولية ضعف الجاهزية وتجاهل توصيات سابقة بشراء طائرات مروحية لأغراض الطوارئ، ما أثر سلباً على الاستجابة السريعة.

وتوالت الإشارات إلى وجود توتر سياسي داخلي، حيث ألمح يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء، إلى "احتمال تورط اليسار الإسرائيلي" في إشعال الحرائق بهدف إلغاء احتفالات ما يسمى "عيد الاستقلال"، في تصريحات أثارت جدلاً واسعاً.

على الصعيد الدولي، ناشدت إسرائيل عدة دول أوروبية تقديم المساعدة، حيث أعلنت فرنسا إرسال طائرة إطفاء، فيما أكدت كل من إيطاليا، كرواتيا، رومانيا، وإسبانيا استعدادها لتقديم الدعم. كما أجرت وزارة الخارجية اتصالات بدول مجاورة مثل اليونان وقبرص وبلغاريا.

يُذكر أن جهاز الأمن الداخلي "الشاباك" يشارك حالياً في التحقيقات الجارية للكشف عن الأسباب الحقيقية للحرائق.