تصاعد مقلق في معدل الجريمة بالأردن.. تحوّلات في أنماطها الجغرافية والاجتماعية
• ارتفاع بنسبة 5.26% في عدد الجرائم المرتكبة خلال عام واحد
• السرقة تهيمن على المشهد الإجرامي وتشكل نصف الجرائم المسجلة
• أنماط جرمية متعددة... الاحتيال والاعتداء على الموظفين في الصدارة
• مؤشرات نوعية دقيقة لجرائم العنف والاعتداءات الجنسية والقتل
• العاصمة في مقدمة المناطق الأعلى جرمًا... ومعان وعجلون في أدناها
• الفروقات الجغرافية في معدلات الجريمة تعكس تفاوتًا سكانيًا وتنمويًا
• البادية الجنوبية تسجل أعلى معدل جرائم لكل 10,000 نسمة
• تباين نوعية الجريمة بين المراكز الحضرية والأطراف الريفية
• نسبة الكشف 96.11%: قراءة في أداء المؤسسة الأمنية
• التقرير يفتح الباب أمام صناع القرار لمعالجة الجذور لا المظاهر
كشف التقرير الجنائي الصادر عن مديرية الأمن العام لعام 2024، اطّلعت عليه صحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، عن ارتفاع ملحوظ في عدد الجرائم المرتكبة في المملكة، بلغ نسبته 5.26% مقارنة بالعام الذي سبقه.
جاء في التقرير تسجيل العام 2024 ما مجموعه 23,982 جريمة، مقارنة بـ 22,784 جريمة في عام 2023، ما يشير إلى إضافة ما يزيد عن 1,190 جريمة جديدة على خارطة الجريمة الوطنية.
وبالعودة إلى الخارطة النوعية للجرائم، فإن جرائم السرقة – سواء أكانت جنائية أم جنحية – حافظت على موقعها المتقدم في المشهد الإجرامي، مشكّلة ما يقارب نصف إجمالي الجرائم المرتكبة (49%).
وإلى جانب السرقة، برزت جرائم الاحتيال المالي (15.57%) والاعتداء على الموظفين العامين (10.45%) وإطلاق العيارات النارية (7.21%).
أما جرائم الإيذاء الجسيم (3.88%) والاعتداءات الجنسية (3.69%) وسرقة المركبات (1.57%) والقتل العمد والقصد (0.38%)، فقد شكّلت مؤشرات نوعية تحمل في طيّاتها دلالات بالغة الدقة، خصوصًا حين تقرأ في ضوء التوزيع الجغرافي لها ومعدلات الكشف الأمني المصاحبة.
وإذ نتناول توزيع الجرائم جغرافيًا، يتضح أن منطقة العاصمة سجّلت أعلى معدل بواقع 10,338 جريمة، تليها محافظة إربد (3,679 جريمة)، ثم الزرقاء (1,776 جريمة)، في حين تراجعت معدلات الجريمة إلى أدنى مستوياتها في غرب معان (92 جريمة) وعجلون (205 جريمة) والطفيلة (283 جريمة).
وهذا التفاوت الحاد بين مناطق المملكة يُفسَّر ضمن سياقات الكثافة السكانية، والتفاوت التنموي، ودرجة التحضر، ناهيك عن تفاوت بنى الضبط الاجتماعي التقليدي.
وفي هذا السياق، فإن مؤشر معدل الجريمة لكل 10,000 نسمة – والذي بلغ في المعدل الوطني العام 20 جريمة لكل 10,000 نسمة – يكشف عن تفاوتات أعمق، فقد سُجل أعلى المعدلات في البادية الجنوبية (32/10,000)، تليها معان ووسط عمان (27/10,000)، وهي نسب تفوق المعدل الوطني بنسبة تتجاوز 35%، مما يدلّ على وجود جيوب جغرافية تتسم بقابلية أعلى لتوليد السلوك الجُرمي.
أما من حيث النوعية الجرمية حسب المناطق، فقد تركزت الجرائم ضد الأموال والثقة العامة في المناطق ذات الكثافة الاقتصادية والسكانية، بينما سجلت المناطق الطرفية جرائم أقل، وإن كانت أكثر ارتباطًا بالاعتداءات الفردية أو النزاعات المجتمعية.
ورغم هذا التزايد في الأرقام، فإن التقرير يشير إلى نقطة بالغة الأهمية تتعلّق بنسبة كشف الجرائم، والتي بلغت في مجملها 96.11%، ما يدلّ على قدرات أمنية متقدمة في تتبع الجريمة والتحقيق فيها، وهو ما يعكس أيضًا استقرارًا في البنية المؤسسية للمديرية وقدرتها على التأقلم مع أنماط الجريمة المتحوّلة.
ومن هنا، فإن التقرير لا يكتفي بتقديم المعطى الإحصائي، ذلك أنه يُحمِّل صناع القرار مسؤولية استباقية، تدعو إلى تفعيل أدوات الرصد الاجتماعي، وتعزيز العدالة التوزيعية، وتجفيف منابع الجريمة من جذورها، بدلًا من الاكتفاء بمعالجة مظاهرها السطحية.