3 دول عربية مرشحة لتلقي رسائل دموية... الشرق الأوسط الجديد بأدوات النار الإسرائيلية
قال الكاتب والباحث في الصحافة العبرية الدكتور حيدر البستنجي إن تفجير خزانات الوقود في ميناء "شهيد رجائي" الإيراني جاء ليشكّل رسالة إسرائيلية صاخبة لا تقتصر دلالاتها على الداخل الإيراني وحده، وإنما تتجاوز ذلك لتصل إلى أطراف إقليمية ودولية متعددة.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، يقود إسرائيل فعليًا في هذه المرحلة، فهو الذي يعتمد استراتيجية إرسال رسائل بالنار لإعادة تشكيل البيئة الإقليمية وفق بوصلة المصالح الإسرائيلية.
وبيّن البستنجي أن المعطيات الميدانية تشير إلى أن الساعات والأيام المقبلة ستشهد تصعيدًا عسكريًا دراماتيكيًا، يتضمن تنفيذ عمليات تحرير أسرى، مع إيلاء أولوية خاصة لتحرير الأسير الأمريكي، في خطوة تهدف إلى امتصاص الضغوط الصادرة عن إدارة ترامب، وإعادة ترميم العلاقة مع واشنطن، بالتوازي مع تنفيذ سلسلة اغتيالات مركزة تستهدف قيادات محورية في حركة حماس، وفي مقدمتهم يحيى السنوار، ومروان الحداد، ورائد شبانة.
وذكر أن هذه العمليات تترافق مع توسيع الاجتياحات البرية، إذ ستتوغل القوات الإسرائيلية في أحياء جديدة داخل مدينة غزة، بناءً على خطط أعدت مسبقًا تحت الإشراف الشخصي لزامير، غير أن تطلعات رئيس الأركان الإسرائيلي لا تتوقف عند غزة وحدها؛ إذ إن خارطة الأهداف تشمل ساحات متعددة أخرى، فمن المتوقع أن تستمر الضربات الإسرائيلية السرية ضد إيران، سواء عبر استهداف منشآت حساسة أو من خلال ضرب مصالح حيوية في محيطها الإقليمي.
واستطرد البستنجي قائلًا إن الساحة اليمنية، والسورية، واللبنانية، مرشحة بدورها لتلقي رسائل دموية مشابهة، ويُرجح، وفق معطيات الرصد الاستخباري، أن يقدم زامير على قصف مخازن سلاح في الجنوب اللبناني، أو أن يحاول استدراج حزب الله إلى مواجهات حدودية محدودة تهدف إلى توجيه ضربة معنوية وعسكرية قاصمة له، ومع ذلك، يبدو أن الحزب، مدفوعًا بحسابات إيرانية دقيقة، سيحاول تفادي الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة، حتى في حال تعرض الضاحية الجنوبية لقصف مباشر، إذ إن الأولوية بالنسبة له تبقى الحفاظ على قوته الاستراتيجية لما بعد مرحلة التسويات المرتقبة.
وتابع أن إسرائيل تعمل على تكريس معادلة سياسية خطيرة، مفادها أن القرار النهائي في الملف الإيراني يُصنع في تل أبيب لا في واشنطن، إذ يكرر نتنياهو القول بأن إسرائيل هي المعنية المباشرة بالتهديد النووي الإيراني، وليس الولايات المتحدة، وأنه ينبغي جر واشنطن إلى خيار المواجهة، لا انتظار تفاهماتها مع طهران مضيفًا أن هذا التباين في الرؤى قد أدى إلى توترات ظاهرة بين نتنياهو وإدارة ترامب، التي تسعى إلى استثمار الملف الإيراني تفاوضيًا لتحقيق مكاسب استراتيجية، بدلاً من الانزلاق نحو حرب شاملة.
ومن هذا المنطلق، فإن العمليات العسكرية الإسرائيلية ليست غاية بحد ذاتها، بقدر ما ورقة ضغط محسوبة بعناية تهدف إلى تحسين شروط التفاوض، ضمن ما وصفه نتنياهو نفسه بـ"مفاوضات تحت النار"، حيث تتقدم العمليات الميدانية جنبًا إلى جنب مع استمرار المسار التفاوضي، حتى يتم الوصول إلى لحظة الحسم، سواء عبر تسوية سياسية تُفرض بشروط إسرائيلية، أو عبر انفجار عسكري شامل يعيد رسم توازنات الإقليم بالقوة، وفقًا لما صرّح به البستنجي لصحيفة "اخبار الأردن" الإلكترونية.
ولفت الانتباه إلى أن إيران، تعتمد بدورها استراتيجية النفس الطويل، إذ تحاول من خلال التكتم على العملية الإسرائيلية الأخيرة وتجنب الرد العلني، أن تتفادى الظهور بمظهر الضعف أمام جمهورها الداخلي، وتراهن على إطالة أمد المفاوضات إلى ما بعد زيارة ترامب المرتقبة إلى المنطقة، في انتظار ما ستسفر عنه من صفقات دفاعية وتسويات نووية محتملة مع المملكة العربية السعودية، وهي معطيات تشكل قلقًا مشتركًا لكل من طهران وتل أبيب.
وأردف البستنجي أن كل طرف يسعى إلى الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من الأوراق الرابحة قبل لحظة الحسم، حيث الطاولة مرشحة للانقلاب على رؤوس الجميع في أي لحظة، ولعل الوصف الأدق للوضع الإقليمي الحالي هو أننا أمام شرق أوسط مشتعل، يكاد يتدحرج على حافة انفجار شامل، والعاقل من بين الأطراف المتنازعة هو من يحافظ على رباطة جأشه أطول فترة ممكنة، مدركًا أن الغلبة في نهاية المطاف لمن يُحسن إدارة نار الصراع لا لمن يشعلها فحسب.