الدولة قرأت هذه المؤشرات قبل قرار حظر الإخوان

 

قال الكاتب الصحفي سامح المحاريق إن قرار الدولة الأردنية بالمضي قُدمًا في استكمال الإجراءات القانونية لحل جماعة الإخوان المسلمين لا يبدو قرارًا معزولًا عن السياق، إذ يمكن قراءته كنتيجة مباشرة لتفاعلات عميقة ومتراكمة، جاءت بعد ضبط خلايا ذات طابع إرهابي وتخريبي، ما أدى إلى مراجعة جذرية لطبيعة نشاط الجماعة وخطابها وتحركاتها في الداخل.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن القرار يأتي في سياق خيبة أمل رسمية عميقة من المواقف التي تبنتها الجماعة في السنوات الأخيرة، وتقاطعت - في بعض الأحيان - مع جهات تسعى لاستثمار التوترات العاطفية في الشارع الأردني، عبر خطابات يمكن وصفها بـ"الشعبوية الممنهجة"، التي تعزف على أوتار الانفعال الجماهيري، لا بهدف الإصلاح، بل بهدف التأزيم وإضعاف هيبة الدولة وموقفها.

وبيّن المحاريق أن الدولة أرادت - على المدى المنظور - أن تحسم حالة "السيولة الرمادية" التي أحاطت بالجماعة في الداخل، لكنها كذلك تُدرك أن المشهد الإقليمي، خاصة في جنوب سوريا والضفة الغربية، يتسم بتحديات غير مسبوقة، وبالتالي لا مجال لترك الجبهة الداخلية مكشوفة، أو السماح بوجود كيانات موازية تُهدد الصف الوطني من الداخل.

أما من الناحية القانونية، ذكر أن القرار يستند إلى أن الجماعة أساسًا كانت قد حُلّت بقرار قضائي سابق، إلا أن الدولة - في السنوات الماضية - لم تمضِ في تنفيذ الإجراءات المرتبطة بذلك القرار، مراهنةً على مسار التحديث السياسي، ومتجنبةً الوقوع في فخ الاتهامات بالتعسف أو تكميم الأفواه، إلا أن ما استجدّ من تطورات، وخاصة ما ورد على لسان وزير الداخلية بشأن وجود ارتباطات لعناصر قريبة من الجماعة بتجريب متفجرات، أعاد خلط الأوراق، ودفع نحو اتخاذ موقف أكثر حزمًا.

ويُضاف إلى ذلك الضبابية في الخطاب الصادر عن الجماعة نفسها، ومحاولاتها المستمرة للضغط السياسي والإعلامي على الدولة، ما خلق بيئة من التوتر استدعت تشددًا رسميًا في الموقف، وتصلبًا استباقيًا في التعامل مع هذه الحالة، وفقًا لما صرّح به المحاريق لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

وأشار إلى أن الدولة حرصت، رغم كل شيء، على التأكيد أن هذا الإجراء - مهما بلغت دقته - يقع ضمن الإطار القانوني والدستوري البحت، وأن الكلمة الفصل في هذا الملف ستبقى بيد القضاء، وهو ما يشكّل ضمانة واضحة لعدالة الإجراءات وشرعيتها.

واستطرد قائلًا إن الدولة الأردنية، وهي تواجه تحديات أمنية خارجية دقيقة ومركبة، تعمل بالتوازي على ترتيب بيتها الداخلي، وضبط إيقاع المشهد السياسي، لضمان تماسك الصف الوطني وقدرته على التصدي لأي تهديد محتمل، داخليًا كان أم خارجيًا.