المنطقة تتصدع... الحرب القادمة برعاية الاستفزاز

قال الباحث في العلاقات الدولية والشأن الأمريكي الدكتور كمال الزغول إن الدفع بحاملات الطائرات الأمريكية إلى مياه البحر الأحمر والمحيط الهندي، مصحوبة بأسراب كثيفة من الطائرات المقاتلة، لا يمكن قراءته خارج سياق ما يُعرف بسياسة "حافة الهاوية".

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنها استراتيجية تقوم على دفع الخصم إلى أقصى درجات التوتر والضغط، بهدف انتزاع تنازلات حاسمة دون الانزلاق الفعلي إلى المواجهة الشاملة، لكن الغريب في هذه المرحلة أن السياسة الاقتصادية الأمريكية، هي الأخرى، تسلك النهج ذاته، متأرجحة على شفا أزمة متوقعة أو انكشاف استراتيجي كارثي.

وأشار الزغول إلى أن أي حرب محتملة مع إيران، إن وقعت، فلن تكون نتيجة قرار استراتيجي ناضج بقدر ما ستكون نتاج انزلاق قسري فرضته تراكمات الضغط العسكري والاقتصادي المتصاعد، فالولايات المتحدة، وتحديدًا في عهد دونالد ترامب، مارست أقصى درجات الاستفزاز التجاري والمالي تجاه مختلف الأطراف الدولية، من الصين إلى أوروبا، وهو ذات النمط الذي تُطبقه الآن في تعاطيها مع إيران، متصورة – وربما مخدوعة بوهم – أن النصر الاقتصادي سيكون توأمًا حتميًا لنصر عسكري خاطف.

ولفت الانتباه إلى أن هذه الرؤية تعكس قدرًا من التناقض في المقاربة السياسية؛ إذ إن أي "نصر" عسكري مزعوم قد لا يخدم المصالح الأمريكية الاستراتيجية كما يتوهم صانع القرار في البيت الأبيض، ومع ذلك، يصر ترامب على اختزال المصلحة الأمريكية في رؤيته الأحادية، التي تستند إلى قرارات فوقية غير مؤسسية، وتتحرك تحت تأثير دوافع انتخابية وشعبوية لا تعترف بتعقيدات الجغرافيا السياسية ولا بتكاليف التورط العسكري في منطقة مشتعلة بطبيعتها.

وذكر الزغول أن المرحلة الراهنة باتت موسومة بالمجهول، ذلك أن كل المسارات مفتوحة على احتمالات متعددة، معظمها قاتم، ومن المفارقة أن هذا "المجهول" لا يعود إلى ضعف أدوات التحليل، وإنما إلى غياب الرشد في اتخاذ القرار من جهة، وتآكل القدرة على ضبط الإيقاع الدولي من جهة ثانية.