العتوم لـ"أخبار الأردن": هكذا تريد إيران إسقاط الدولة السورية
قال رئيس برنامج الدراسات الإقليمية في مركز الشرق الأوسط للدراسات الأستاذ الدكتور نبيل العتوم إن طهران تطرح مخططًا واسع النطاق يهدف إلى زعزعة الاستقرار في سوريا، مستغلةً ذرائع متعددة، أبرزها مزاعم وجود "مؤامرة تركية - إسرائيلية" تتطلب تمردًا داخليًا لإجهاضها.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه الاستراتيجية ترتكز على جملة من العوامل التي ترى إيران أنها قد تسهّل عملية الإطاحة بالنظام السوري الجديد، لا سيما عبر توظيف استراتيجيات حروب الوكالة وصناعة الفوضى المنظمة.
وبين العتوم أن طهران تعمل على إقناع أتباعها بأن النظام السوري الوليد ليس إلا أداة لتسهيل تمدد النفوذ الإسرائيلي داخل الأراضي السورية، تمهيدًا لتنفيذ مشاريع توطين الفلسطينيين المرحّلين من غزة، بعد رفض كل من الأردن ومصر استقبالهم، ومما يزيد من خطورة هذه المقاربة أنها تُترجم عمليًا من خلال آليات تتجاوز الخطاب التحريضي، لتأخذ طابعًا عملياتيًا يسعى لإعادة هيكلة الصراع بما يخدم المصالح الإيرانية.
وذكر أن سقوط نظام بشار الأسد في غضون أسابيع معدودة قد شكّل مؤشرًا على قدرة اللاعبين الإقليميين والدوليين على إعادة صياغة التوازنات في سوريا، وهو ما تستند إليه إيران، فبالنسبة لها هذه السابقة تعد نموذجًا يمكن إعادة إنتاجه، معتمدة على هشاشة الوضع السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، ومستغلة التناقضات بين الفصائل المسلحة، حيث تتعامل مع قادتها كأمراء حرب يسهل شراؤهم عبر إغراءات مالية وسياسية، مما يتيح لها إعادة تموضع الجماعات المقاتلة وفق أجنداتها الخاصة.
ونوّه العتوم إلى أن ما يعزز هذه الرؤية هو انتشار الجماعات المسلحة بشكل مبعثر في مختلف الجغرافيا السورية، بالشكل الذي يمنح طهران فرصة لإعادة تشكيلها وتوحيدها تحت مظلة جديدة، مستلهمةً من التجربة الأفغانية، والليبية، والسودانية أدوات وآليات تضمن تحويل هذه الجماعات إلى أذرع وظيفية تعمل لصالح مشروعها الإقليمي.
وولفت الانتباه إلى أن الاستراتيجية الإيرانية تتجاوز مسألة دعم الفصائل المسلحة إلى استثمار المشهد الإقليمي والدولي، حيث تعمد إلى تسليط الضوء على التزام دمشق الصمت إزاء الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للأراضي السورية، فتوظّف هذا المعطى في إطار دعايتها الرامية إلى تصوير النظام الجديد شريكًا ضمنيًا في مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية، في ترويجٍ، تسعى طهران من خلاله إلى تقويض شرعية السلطة السورية الوليدة، ودفع بيئاتها الشعبية إلى التشكيك في توجهاتها، لتعزيز مناخ الفوضى وفتح المجال أمام عمليات اختراق أوسع.
وحذّر العتوم من مساعي إيران الرامية إلى تصدير الصراع السوري إقليميًا من خلال محاولة خلق تقاطعات مع بعض الدول العربية التي تتوجس من الدور التركي، إذ تحاول الترويج إلى أن النظام السوري الجديد ليس سوى أداة في يد أنقرة لإقامة مشروع تكفيري متطرف يستهدف أمن واستقرار دول المنطقة، وعليه، فإن المقاربة الإيرانية لا تهدف إلى إعادة صياغة المشهد الإقليمي برمته، عبر إغراقه في حالة من الفوضى المستدامة.
وأشار إلى أن إيران لا تكتفي بإدارة الأزمة السورية، بقدر ما تسعى إلى إعادة تدويرها وصياغتها ضمن معادلة صراعية تتيح لها التمدد وإعادة فرض نفوذها، مستغلة في ذلك كل الثغرات السياسية والعسكرية والاجتماعية.