الرهائن مقابل الغذاء... مصير غزة على محك

 

قال الكاتب والباحث في الصحافة العبرية الدكتور حيدر البستنجي إن شروع إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في محادثات مباشرة مع حركة حماس بشأن الإفراج عن الرهائن الأميركيين المحتجزين في غزة، تعدّ خرقًا جوهريًا للسياسة الأميركية التقليدية، التي امتنعت لعقود عن أي تواصل مباشر مع حماس، المصنفة رسميًا كمنظمة إرهابية منذ عام 1997.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن طبيعة هذه المفاوضات تظل محكومة بسياقات أمنية وتقنية بحتة، بعيدًا عن أي بعد سياسي، في ظل تأكيدات رسمية بأن المبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون الرهائن، آدم بوهلر، لا يمتلك تفويضًا لبحث ملفات سياسية أو تفاوضية أوسع نطاقًا.

وبيّن البستنجي أن الاجتماعات عُقدت بين بوهلر ومسؤولين من حماس في الدوحة خلال الأسابيع الماضية، وسط متابعة دقيقة وتنسيق مكثف مع الجانب الإسرائيلي، الذي يبقى معنيًا بشكل مباشر بمآلات هذا المسار التفاوضي، إذ يُنظر إلى هذه المحادثات على أنها خطوة تكتيكية تهدف إلى تحقيق انفراجة في ملف الرهائن الأميركيين، بعيدًا عن تعقيدات المشهد السياسي والأمني الأوسع.

ولفت الانتباه إلى إدراك حماس بأن هذه المحادثات، على محدودية نطاقها، تفتح نافذة غير معهودة في تعاطي الولايات المتحدة معها، وهو ما قد تسعى إلى توظيفه في مسارات أخرى، رغم استبعاد واشنطن لأي اعتراف سياسي ضمني بالحركة.

وأشار إلى أنه من البديهي في مثل هذه المحادثات أن تطفو على السطح مقترحات أوسع، تشمل تفاهمات تتجاوز مسألة الرهائن الأميركيين لتطال إمكانية التوصل إلى صفقة أشمل، ربما تتضمن إطلاق سراح مزيد من المحتجزين والتأسيس لتهدئة طويلة الأمد، إلا أن هذه الطروحات، تبقى في إطار "نقاشات جانبية غير ملزمة"، خاصة وأن المبعوث الرئاسي المكلف بالملفات السياسية، ستيف ويتكوف، لم ينخرط بعد في هذا المسار، فقد قام بتأجيل زيارته المقررة إلى الدوحة أكثر من مرة، في مؤشر على أن الإدارة الأميركية لا تزال تحرص على الفصل التام بين المسارين الأمني والسياسي.

وبيّن البستنجي أن هذه المقاربة جذريًا عن النهج التقليدي الذي اتبعته الإدارات الأميركية المتعاقبة، والتي لطالما رفضت الانخراط المباشر في محادثات مع حماس، مفضّلة الاعتماد على وسطاء إقليميين، إلا أن ترامب، الذي اشتهر بأسلوبه غير التقليدي في التعاطي مع الملفات الدولية، يُعرف بعدم اكتراثه بالبروتوكولات الدبلوماسية الراسخة، مقابل تركيزه على تحقيق نتائج عملية بأي وسيلة ممكنة، متسائلًا ما إذا كانت هذه المحادثات ستؤسس لنمط جديد في السياسة الأميركية، أم أنها ستظل استثناءً ظرفيًا محكومًا بالسياق الراهن دون أن يتجاوز نطاقه الضيق.

وذكر أن هذه التطورات تأتي في ظل أزمة إنسانية خانقة في قطاع غزة، حيث تفرض إسرائيل حصارًا صارمًا أدى إلى توقف شبه كامل لإمدادات المساعدات الإنسانية، ما يهدد حياة نحو 1.9 مليون فلسطيني، أي ما يعادل 90% من سكان القطاع، وفي هذا السياق، يبرز احتمال أن تكون واشنطن مستعدة لتقديم مساعدات إنسانية ضمن تفاهمات إطلاق الرهائن، ما قد يرسّخ معادلة "الرهائن مقابل الغذاء"، لتكون أقصى ما يمكن تحقيقه في هذه المرحلة، دون أن يفضي ذلك بالضرورة إلى أي مكاسب سياسية لحماس.

واستطرد البستنجي قائلًا إن حماس ستفرج عن أربعة رهائن أمريكيين كـ "بادرة حسن نية" تجاه دونالد ترامبـ في وقتٍ لا يزال هناك 59 رهينة محتجزين لدى حماس في غزة، فيما تشير التقارير إلى أن 35 منهم قد لقوا حتفهم، أما الاستخبارات الإسرائيلية، فتعتقد أن 22 رهينة ما زالوا على قيد الحياة، بينما يبقى مصير اثنين منهم مجهولًا حتى اللحظة. ومن بين الرهائن المتبقين، يوجد خمسة أميركيين، من ضمنهم إيدان ألكساندر (21 عامًا)، والذي يُعتقد أنه لا يزال حيًا.