البيت الأبيض يطلب تقريرا استخباريا عن 4 جيوش عربية بينها الأردني
قال الخبير والمتخصص بالشؤون الشرق أوسطية الدكتور عبد الحميد العوني، إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب طلب تقريرًا استخباراتيًا استثنائيًا من وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، متضمّنًا تقييمًا معمّقًا حول مخرجات القمة العربية، مع تركيز خاص على الأدوات الاستراتيجية الممكنة لممارسة ضغوط فعالة على الأنظمة العربية عبر ثلاثة محاور رئيسية.
وأوضح العوني في محاضرة شاركت فيها صحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أن ترامب شدد على ضرورة أن يتضمن التقرير خرائط دقيقة للمسارات المتاحة لتحريك القوات الأميركية، على الرغم من أن CIA ليست جهاز الاستخبارات الدفاعية (DIA) ولا تخضع للبنتاغون بشكل مباشر، وهو ما يُفسَّر على أنه مسعى للحصول على رؤى استخباراتية مستقلة، بعيدًا عن التقديرات العسكرية التقليدية.
وأكد العوني ما تكتسبه هذه الخطوة من أهمية خاصة بالنظر إلى أنها تُعيد فتح ملف تقييم القدرات العسكرية للجيوش العربية بعد عقدٍ من التوقف، ما يعكس إدراك الإدارة الأمريكية لأهمية إعادة هندسة استراتيجياتها الأمنية في المنطقة، ويتجلّى التركيز الرئيس في التقرير على الجيش المصري، باعتباره ركيزة أساسية في التوازنات الإقليمية، ولا سيما في ظل المستجدات المتسارعة في شمال سيناء، واحتمالات التهجير القسري من قطاع غزة باتجاه الأراضي المصرية، على وقع التصريحات الإسرائيلية الصريحة الصادرة عن وزير الدفاع الأسبق أفيغدور ليبرمان.
وذكر أن التقرير يمتد إلى تقديم رؤية مُحدَّثة حول تقييم القدرات العملياتية والبنى التحتية للجيوش العربية، وفق مقاربة تحليلية دقيقة، تسلط الضوء على أربعة جيوش رئيسية: السعودية، مصر، الإمارات، والأردن، مع ما يكتسبه جيش الأردن من اهتمام خاص في التقرير، ما يجعله محورًا رئيسيًا في أي سيناريو مستقبلي لإعادة التموضع العسكري في المنطقة.
ولفت العوني الانتباه إلى أن من بين المقترحات التي يناقشها التقرير، برزت فكرة إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية في سيناء، وهو طرح يحمل أبعادًا استراتيجية معقدة، من شأنه إعادة رسم المشهد الأمني في المنطقة، فمن ناحية، يفتح هذا السيناريو المجال أمام إسرائيل لتوسيع نطاق نفوذها العسكري، ومن ناحية أخرى، يُحوّل سيناء إلى نقطة ارتكاز أمريكية في سياق إعادة توزيع الوجود العسكري في الشرق الأوسط.
وذكر أن التقرير يُعيد تسليط الضوء على ملف القواعد العسكرية الأمريكية في السعودية، مُستعرضًا إمكانية إعادة تفعيلها بما يتناسب مع التحولات الداخلية التي شهدتها المملكة، إذ يُفسَّر هذا التوجه باعتباره محاولةً لاستعادة النفوذ التقليدي لوكالة CIA داخل دوائر صنع القرار في الرياض، لا سيما بعد أن شهد هذا النفوذ تراجعًا إثر صعود ولي العهد محمد بن سلمان، الذي أعاد هيكلة المشهد السياسي الداخلي، وأبعد الشخصيات الأكثر قربًا من الوكالة.
أما فيما يخص الإمارات، فيُولي التقرير اهتمامًا خاصًا بالتنامي المتسارع للعلاقات الاستراتيجية بين أبوظبي وبكين، خاصة فيما يتعلق بالنقل البحري واللوجستيات ذات الطابع العسكري، كما يتناول التقرير اقتراحًا بإقامة منشآت جوية جديدة، رغم التحفظات الإماراتية المستندة إلى اعتبارات تتعلق بالأمن القومي والتوازنات الإقليمية، وفقًا لما قاله العوني.
واستطرد قائلًا إن التقرير يُسلط الضوء على التحولات المرتبطة بالوجود العسكري الأمريكي في سوريا، مشيرًا إلى أن الانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية وإعادة تموضعها في العراق يأتي ضمن استراتيجية تستهدف إبقاء الساحة السورية في حالة "فوضى مُوجَّهة"، بما يُتيح لإسرائيل حرية أكبر في المناورة العسكرية والسياسية، كما يتوقع التقرير أن يشهد الخليج إعادة توزيع للقوات الأمريكية، مع إمكانية نقل وحدات عسكرية إضافية إلى قواعد جديدة في الإمارات، وهو ما سيُضيف تعقيدات إضافية إلى معادلات الأمن الإقليمي.