لقاء الملك بالشرع... إجابات موحدة لكثير من التساؤلات
قال الخبير العسكري محمد المغاربة إن لقاء جلالة الملك بالرئيس السوري أحمد الشرع يمثّل منعطفًا جوهريًا في مسار التفاعل العربي المشترك، إذ يجسّد تحولًا نوعيًا في بنية العمل القيادي الإقليمي، مُعيدًا بذلك صياغة محددات الدور العربي الجماعي في لحظة استثنائية من التاريخ السياسي للمنطقة.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذا اللقاء، بما انطوى عليه من مضامين سياسية واستراتيجية عميقة، يؤشر إلى نظام إقليمي عربي أكثر تماسكًا، يرتكز على مفهوم القيادة الجماعية، وينبثق من إدراك متنامٍ لضرورة استعادة الفاعلية السياسية العربية في ظل تعاظم التحديات التي تواجه المنطقة.
ونوّه المغاربة إلى أنه لا يمكن إغفال الدلالات التي حملها استقبال سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله للرئيس السوري والوفد المرافق عند مدخل قصر بسمان، مرتديًا الزي العسكري، وهو مشهد يتجاوز البروتوكولات الرسمية إلى مستوى الإشارة الاستراتيجية، حيث يُفهم في إطاره الأوسع بوصفه تأكيدًا على جدية الموقف الأردني، وجاهزية الدولة بكافة مكوناتها لمواكبة مختلف السيناريوهات المحتملة، في ظل تشابك المصالح الأمنية والسياسية التي تفرضها طبيعة المرحلة.
أما من حيث شكل الاستقبال ومضامينه، فقد تجلّى مرة أخرى الأسلوب المميز لجلالة الملك عبد الله الثاني، القائم على العفوية المتجذرة في تقاليد القيادة الأردنية، حيث بَدت الحفاوة مزيجًا من الصدق الدبلوماسي والدفء الإنساني، ما انعكس على ملامح الرئيس السوري والوفد المرافق له، الذين أظهروا درجة عالية من الارتياح، ما يمكن اعتبارها مؤشرًا على حجم التفاهمات المسبقة التي أسهمت في تهيئة الأجواء لهذا اللقاء وفقًا لما صرّح به المغاربة لصحيفة "أخبار الأردن".
واستطرد قائلًا إن التمعن في إيقاع الزيارة وسلاستها اللافتة، فإن ذلك يشي بمستوى النضج الذي بلغه التنسيق السياسي بين البلدين، إذ إن اللقاء جاءت تتويجًا لسلسلة من الاتصالات والتفاهمات التي سبقته، الأمر الذي منحه طابعًا اعتياديًا، حتى يكاد المراقب أن يتخيلها زيارة بين مركزين ضمن إقليم سياسي واحد، لا لقاءً ثنائيًا بين دولتين منفصلتين، مضيفًا أن هذا الشعور بانتفاء الرسمية المتكلّفة يؤشر إلى إمكانية إعادة تعريف طبيعة العلاقات العربية، على نحو أكثر انفتاحًا وتكاملًا، يُعيد للأمة تماسكها في مواجهة التحديات المصيرية.
ولفت المغاربة الانتباه إلى أن اللقاء يعكس أيضًا تحولًا في موقع الأردن الإقليمي، حيث بدا واضحًا أن جلالة الملك، وبما أظهره من ديناميكية وحيوية، يدرك تمامًا أن موقعه السياسي اليوم أكثر قوة وصلابة، وأنه بات محاطًا بقيادات عربية تشاركه الرؤية ذاتها، وتسانده في دوره الإقليمي، إذ خرج الأردن بذلك من معادلة "التحرك الفردي" ليصبح جزءًا من نسيج قيادي عربي جديد، يوازن بين الاستقلالية في القرار والقدرة على تشكيل تحالفات فاعلة، وهو ما يمنح المملكة مساحة أوسع للمناورة، وفرصة أكبر لترسيخ دورها كلاعب محوري في إعادة تشكيل المشهد السياسي العربي.
وأشار إلى أن هذا اللقاء، بمضامينه العميقة وإيقاعه السياسي، قد يؤسس لمرحلة جديدة من التفاعل العربي، تتجاوز الطابع التقليدي للعلاقات الثنائية نحو نموذج أكثر انسجامًا وتكاملًا، في وقت باتت فيه الأمة بحاجة ماسة إلى قيادات تحمل مشروعًا وحدويًا حقيقيًا، قادرًا على التعامل مع التحديات الاستراتيجية المتسارعة، وإعادة رسم ملامح الدور العربي على المستوى الإقليمي والدولي.