قال الكاتب الصحفي سامح المحاريق إن الساحة الإقليمية تشهد حراكًا متسارعًا يعكس تحولات عميقة ومتشابكة، تتزامن مع زيارة ولي العهد إلى تركيا اليوم، وزيارة الرئيس السوري المرتقبة للأردن غدًا.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه التحركات تتعدّى الأطر التقليدية المرتبطة بملف غزة، إذ يبدو أن التركيز الأردني بات يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، في إطار قراءة دقيقة للتوازنات الإقليمية ما بين قمة الرياض وقمة القاهرة المرتقبة.

وبيّن المحاريق أن هناك مؤشرات متزايدة على وجود تحركات إسرائيلية مقلقة، تتجلى بشكل خاص في تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي تعكس نهجًا تصعيديًا يثير تساؤلات جوهرية حول نوايا إسرائيل الاستراتيجية وتوجهاتها المستقبلية.

وذكر أن ما يزيد المشهد تعقيدًا، هو ما يُرصد من حالة تململ متنامية في أوساط الطائفة الدرزية داخل إسرائيل، وهي تطورات تزامنت مع انطلاق حوار وطني في سوريا يبدو أنه يفتقر إلى الاتساق الداخلي، ويُظهر ملامح ارتباك واضحة، ما يُعزز المخاوف من تصدعات داخلية قد تُفضي إلى اضطرابات أوسع نطاقًا.

ولفت المحاريق الانتباه إلى تزايد المخاوف الأردنية، ذلك أن هذه التحركات تأتي في إطار سياق إقليمي متكامل يهدف إلى إعادة رسم ملامح المنطقة، بشكل قد يهدد المعادلات القائمة ويُزعزع الاستقرار الحدودي، مضيفًا أن عمان مدركة تمامًا لخطورة السيناريوهات المحتملة، خاصة في ضوء ما يُثار بشأن محاولات تطويق الأردن استراتيجيًا.

ونوّه إلى أن هناك مؤشرات على ضغوط مزدوجة تأتي من محورين أساسيين، الأول يتمثل في التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية، بينما يتمحور الثاني حول التحركات المشبوهة في الجنوب السوري، حيث تزداد المخاوف من محاولات فرض وقائع جديدة على الأرض، بما يُعزز الهيمنة الإسرائيلية ويُضيق الخناق على الأردن من الشمال والغرب على حد سواء.

وأكد المحاريق التزام الأردن بموقف استراتيجي متوازن يجمع بين الحذر الدقيق والاستعداد الفعلي للتحرك عند الضرورة، فقد أكدت القيادة الأردنية مرارًا استعدادها لتقديم الدعم إذا استدعت الظروف ذلك، مع التشديد على أن استمرار الأوضاع على ما هي عليه دون معالجة جذرية قد يُفضي إلى اختلال خطير في المعادلة الإقليمية.

وفي هذا السياق، يُنظر إلى الجنوب السوري بوصفه نقطة ارتكاز حساسة، إذ إن أي تطور في هذه المنطقة قد تكون له انعكاسات مباشرة على الأمن الوطني الأردني، خاصة إذا ما ارتبط بمحاولات توسيع النفوذ الإسرائيلي على حساب العمق الاستراتيجي للمملكة، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

واختتم المحاريق حديثه بالقول إن الأردن في حالة رصد مستمر، مُدركًا أن التطورات الراهنة تتجاوز كونها تحركات تكتيكية مؤقتة، وأنها تنطوي على أبعاد استراتيجية بعيدة المدى، ما يفرض مقاربة أكثر تعقيدًا تتجاوز ردود الفعل الآنية إلى قراءة معمّقة للتحولات الجارية، بما يضمن حماية الأمن الوطني الأردني وصيانة المعادلات الإقليمية القائمة.