الرداد لـ"أخبار الأردن": تحالفات سرية في حماس قد تنحرف بالموقف العربي عن غايته

 

قال الخبير الأمني والاستراتيجي الدكتور عمر الرداد إنه في ظل التحولات العميقة التي يشهدها المشهد السياسي الفلسطيني، تتزايد المؤشرات الدالة على إمكانية إعادة تشكيل خريطة التحالفات داخل حركة حماس، بما قد يحمل في طياته تداعيات استراتيجية على الموقف المصري والعربي في مواجهة خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن السؤال المحوري الذي يفرض ذاته في هذا السياق، لا يتعلق بإمكانية وجود اتفاق، سواء كان معلنًا أو سريًا، بين حماس وواشنطن فقط، ذلك أنه يتجاوزه إلى البحث في أبعاده العميقة، التي تتصل بمستقبل الحركة، ليس فقط من حيث موقعها داخل المعادلة السياسية الفلسطينية، وإنما كذلك فيما يتعلق بوضعها العسكري، ومدى استعدادها لإعادة صياغة مقاربتها تجاه قضايا الحكم، بما ينسجم مع متغيرات إقليمية ودولية متسارعة.

وبيّن الرداد أن المعلومات المتواترة تشير إلى مفاوضات تجري في الكواليس، يقودها موسى أبو مرزوق وخالد مشعل مع الإدارة الأمريكية، وهي مفاوضات تحمل في جوهرها تساؤلات جوهرية تتصل بمصير سلاح المقاومة، وطبيعة الدور الذي يمكن أن تضطلع به الحركة مستقبلًا، وما إذا كانت هذه التحولات تمهيدًا لصياغة نسخة جديدة من اتفاق أوسلو، ولكن بأدوات ورهانات تتماشى مع المعادلات الراهنة.

ولفت الانتباه إلى أن هذا التساؤل لا يمكن إدراجه في إطار سجال أيديولوجي مرتبط بالموقف من حماس أو الولايات المتحدة، وإنما ينبغي قراءته في سياق استشرافي يستند إلى معطيات واقعية، تعكس حجم التحولات التي طرأت على بنية الحركة منذ السابع من أكتوبر، فهذه التطورات أفرزت تباينات داخلية عميقة، وأنتجت تيارات متباينة الرؤى والاستراتيجيات، بحيث بات المشهد الداخلي للحركة منقسمًا بين تيار ذي هوى إيراني، يشكل امتدادًا لمحور المقاومة التقليدي، وتعرض رموزه للتصفية الممنهجة، وكان أبرزهم يحيى السنوار، الذي بات مصيره غامضًا في ظل تصعيد إسرائيلي غير مسبوق يستهدف البنية القيادية للحركة، فيما يذهب الجانب الآخر، للتيار إخواني الهوى، يقوده خالد مشعل وموسى أبو مرزوق، ويحظى بتوجهات مغايرة تتسم بمرونة سياسية وبراغماتية في التعامل مع القوى الدولية، وهو ما قد يفسر إحجام قيادات هذا التيار عن زيارة طهران ضمن الوفود الرسمية للحركة، في مؤشر واضح على وجود تباينات في الرؤى بشأن طبيعة التحالفات التي ينبغي أن تنخرط فيها حماس في المرحلة القادمة.

ونوّه الرداد إلى أنه من المشروع التساؤل عمَّا إذا كانت هذه التباينات ستظل محصورة في نطاق الاختلافات الداخلية، أم أنها ستتحول إلى انقسامات بنيوية تعيد تشكيل خارطة الحركة، على نحو قد يفضي إلى إعادة توزيع مراكز النفوذ داخلها، وبالتالي إعادة تعريف طبيعة دورها في المشهد الفلسطيني العام.


وأشار إلى أن الأبعاد الأوسع لهذا المسار تفرض نفسها بقوة، إذ إن أي انزياح في موقف حماس، سواء باتجاه تعزيز تقاربها مع واشنطن، أو بالمقابل ترسيخ تحالفها مع إيران، لن يكون إلا عاملًا مؤثرًا في إعادة صياغة المشهد الفلسطيني بأكمله، وسينعكس حتمًا على علاقاتها الإقليمية، وعلى طبيعة تعاطي الدول العربية مع الملف الفلسطيني في ظل واقع إقليمي محتدم بالتحولات والتحديات.

وذكر الرداد أن هذه الإشكاليات المعقدة تفرض على القوى الإقليمية الفاعلة، وفي مقدمتها مصر، ضرورة التعاطي بحساسية بالغة مع المتغيرات المستجدة، والبحث في مآلاتها المحتملة، لا سيما أن أي تفاهم قد يتم بين حماس وواشنطن، سواء بصورة مباشرة أو عبر وسطاء، سيكون له أثر جوهري على توازنات القوى في المنطقة، وسيلقي بظلاله على مقاربة الحلول السياسية المطروحة، وعلى موقع القضية الفلسطينية ضمن الأولويات الدولية، مستطردًا أن التحولات الداخلية داخل حماس ذاتها، وما تفرزه من إعادة تموضع بين محاور النفوذ الإقليمية، ستشكل أحد العوامل الحاسمة في تحديد طبيعة المرحلة المقبلة، ومدى قدرتها على التأثير في صياغة مآلات الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، في ظل مشهد دولي مضطرب، يشهد تحولات استراتيجية غير مسبوقة، قد تعيد رسم خريطة التفاعلات الإقليمية، وفق أسس مغايرة لما كان عليه الوضع في العقود الماضية.