غياب عبّاس عن لقاء الرياض... "الرمق الأخير"

 

قال الخبير العسكري محمد المغاربة إنّ غياب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن القمة التشاورية المزمع عقدها في الرياض يوم الجمعة الموافق 21 فبراير 2025، يُلقي بظلال ثقيلة من الشك والتساؤلات، ويُوحي بأنّ حقبة عباس وسلطته تقترب من الأفول السياسي المحتوم.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن إقصاء السلطة الفلسطينية عن هذه القمة التشاورية، رغم أنها مخصصة لبحث قضية مصيرية تمس الفلسطينيين وجوديًا، يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن القيادة الفلسطينية الحالية، ممثلةً في محمود عباس وطاقمه، قد دخلت فعليًا في مرحلة التهميش التدريجي، وأن القرار العربي بات يميل نحو إعادة هيكلة البيت الفلسطيني، وتصويب أوضاع منظمة التحرير الفلسطينية، بعيدًا عن القيادات التقليدية التي استأثرت بالمشهد السياسي منذ أمد بعيد.

وبيّن المغاربة أن هذه الفرضية تأخذ زخمًا بالنظر إلى التحركات التنظيمية المُكثفة التي شهدتها حركة فتح في الآونة الأخيرة، بما في ذلك انعقاد اللجنة المركزية للحركة برئاسة عباس، وما أعقبها من اجتماع طارئ للمجلس الثوري، مضيفًا أن هذه الاجتماعات الطارئة جاءت في أعقاب الجولة التي قام بها عباس إلى أديس أبابا، والتي اكتست بطابع أشبه بالاستجداء السياسي، لا سيما بعد أن افتقرت إلى لقاءات ذات قيمة مع قادة دول مؤثرة، كالرئيس الجزائري الذي تجاهله تمامًا رغم حضوره القمة الأفريقية، فضلًا عن غياب أي لقاء مع قيادات أفريقية وازنة.

وأشار إلى أن المحاولات المستميتة التي بذلتها السلطة الفلسطينية لإقناع الرياض والعواصم العربية بضرورة مشاركتها في القمة التشاورية، والتي باءت بالفشل الذريع، تضيف بُعدًا آخر لهذه المعادلة، وتؤكد أن القرار باستبعاد السلطة قد اتُخذ على مستوى عربي رفيع، بل وربما بإجماع إقليمي ودولي.

واستطرد المغاربة قائلًا إن القرارات الأخيرة الصادرة عن رئاسة السلطة، وفي مقدمتها إزاحة حسين الشيخ من رئاسة هيئة الإدارة المدنية، وتعيين أيمن قنديل بدلًا عنه برتبة وزير، فضلًا عن إعلان عباس عزمه تقديم "رؤية السلطة الفلسطينية لمواجهة التحديات الراهنة" في القمة العربية المرتقبة، وهي رؤية أثار بندها السادس جدلًا واسعًا، إذ نصّ صراحة على تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية إلى ما بعد عام، وربط إجرائها بتوفر ظروف مواتية، في محاولة مكشوفة لشراء مزيد من الوقت، والالتفاف على مطلب شعبي مُلح بتجديد الشرعيات.

وذكر أن مجمل هذه المعطيات، بتداخلاتها السياسية والدبلوماسية والتنظيمية، يُفضي إلى استنتاج لا يحتمل اللبس، مفاده أنّ قرارًا عربيًا - إقليميًا - دوليًا قد صدر بالفعل، بوضع حدٍ لمسيرة السلطة الفلسطينية الحالية، ورئاستها، وأن ساعة إحالتها إلى التقاعد السياسي قد حلّت، وأن محاولات عباس للمراوغة أو كسب الوقت عبر إعادة تنشيط أدواته الفتحاوية المتآكلة، لن تحول دون هذه النهاية المحتومة، التي باتت، فيما يبدو، مسألة وقت ليس إلا.