الحايك يكتب: حكمة الملك عبدالله الثاني في مواجهة الضغوط الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية

  د.عبد الفتاح الحايك

منذ توليه العرش، حرص جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين على الدفاع عن القضية الفلسطينية باعتبارها جزءًا أساسيًا من الأمن القومي الأردني، مستندًا إلى الشرعية التاريخية والدور الهاشمي في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وخلال فترة رئاسة دونالد ترامب السابقة والحالية، واجه الأردن تحديات جسيمة، أبرزها محاولات فرض «صفقة القرن»، التي تضمنت ضغوطًا أمريكية وإسرائيلية لفرض حلول غير عادلة على الفلسطينيين، بما في ذلك مقترحات لتهجير سكان غزة والضفة الغربية إلى الأردن.

بينما جاء الرد الاردني واضحا وحازما بقيادة الملك عبدالله الثاني في رفض أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية عبر مشاريع التهجير أو التوطين، حيث أكد جلالته مرارًا أن «الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين»، في إشارة واضحة إلى رفض أي مخطط يهدف إلى تحويل الأردن إلى وطن بديل للفلسطينيين، كما شدد على ضرورة إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وعندما أعلنت إدارة ترامب عن «صفقة القرن» في العام 2020، والتي تضمنت اعترافًا أمريكيًا بالقدس عاصمة لإسرائيل، ومنحت إسرائيل سيطرة شبه كاملة على الضفة الغربية بينما لم تتضمن حلولًا عملية لحماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين كان الأردن من أوائل الدول التي رفضت الصفقة، حيث اعتبرها الملك عبدالله الثاني خطرًا استراتيجيًا على الأمن الإقليمي وعلى مستقبل القضية الفلسطينية.

من جهتها لم تقتصر الضغوط الأمريكية على الجانب السياسي، بل امتدت إلى تهديدات بتقليص المساعدات الاقتصادية والعسكرية للأردن، لكن الملك عبدالله الثاني أصر على موقفه، مشددًا على أن الأردن لا يقايض مواقفه الوطنية بثمن مادي أو سياسي.

الملك عبدالله الثاني وبدبلوماسيته المتميزة لم يواجه الضغوط الأمريكية بشكل منفرد، بل عمل على تعزيز تحالفات استراتيجية مع الدول الأوروبية والعربية المعتدلة، مثل مصر والسعودية والإمارات، لإيجاد موقف عربي موحد ضد أي مخططات تستهدف تهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم، كما لعب دورًا محوريًا في الحفاظ على دعم الاتحاد الأوروبي لحل الدولتين وحقوق الفلسطينيين.

بينما شكلت الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس عنصرًا أساسيًا في مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، حيث أكد الملك عبدالله الثاني أن حماية المقدسات في القدس خط أحمر لا يمكن تجاوزه، وقد عززت هذه الوصاية الدور الأردني كمدافع رئيسي عن الحقوق الفلسطينية، مما أكسبه دعمًا عربيًا وإسلاميًا واسعًا.

وبكل فخر واعتزاز أثبت الملك عبدالله الثاني أنه قائد يتمتع برؤية استراتيجية وحكمة سياسية في التعامل مع الضغوط الدولية، حيث نجح في إفشال محاولات فرض حلول غير عادلة على الأردن والفلسطينيين، مع الحفاظ على استقلال القرار الأردني وسيادته.

ورغم التحديات المستمرة، يظل الأردن بقيادة جلالته صامدًا في مواجهة أي مشاريع تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية أو زعزعة الاستقرار الإقليمي، مؤكدًا أن الحل العادل لا يكون إلا عبر تحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وحماية المصالح الأردنية العليا.

* مدير مكتب فرسان التغيير لمحافظة مادبا