عبدالهادي تكتب: الملك في البيت الأبيض.. شجاعة وذكاء وبراعة القائد

   نيفين عبدالهادي

جلالة الملك عبد الله الثاني قالها وحسمها أمام رئيس الولايات المتحدة الأميركية بصوت أردني عربي واضح أن «لا للتهجير» وفي البيت الأبيض، ومن لم يسمع قول جلالته فهذه مشكلته، ومشكلة الباحثين عما يدور في أذهانهم من حقد على الأردن، فالأردن بقيادة الملك عبد الله الثاني لا ماء عكرا في حياتهم بالمطلق حتى يصطادوا به.

عشرات البيانات الفلسطينية والعربية، وعشرات العناوين العربية والدولية تصدّرت الصحف، ومئات التحليلات والقراءات التحليلية منذ بدء زيارة جلالة الملك عبد الله الثاني في التاسع من الشهر الحالي للولايات المتحدة أيّدت وثمنت ودعمت موقف جلالة الملك، وعبقريته الدبلوماسية أمام رئيس يُجمع العالم والأميركيون على أنه يمتلك أفكارا وفِكرا يصعب التعامل معه، ليخرج جلالة الملك بمواقف عظيمة وفي قولي هذا أنقل حقائق، نعم جلالة الملك أغلق باب التهجير في البيت الأبيض وأمام الرئيس الأمريكي بصوت أردني عربي، موجها مفاجأة للولايات المتحدة ورئيسها وللعالم، بأن هناك حضورا عربيا قويا لن يقبل بمخططات إسرائيل وتحيكها أميركا، كونها مخططات لن تضر الفلسطينيين وحدهم إنما المنطقة والإقليم.

اتجهت بوصلة الإعلام عربيا وعالميا خلال الأيام الماضية نحو زيارة جلالة الملك ولقاء جلالته بالرئيس ترامب، لأهمية الحدث، وللثقة العالمية بأن جلالة الملك الأقدر على التباحث مع ترامب حول مختلف القضايا تحديدا الجدلية والحساسة منها، والأقدر على إيصال الصوت والمواقف الفلسطينية والعربية بواقعية كاملة، وهو ما حدث وتابع ورأى العالم براعة جلالة الملك الدبلوماسية وعبقرية جلالته السياسية دون الدخول بأي صدام بذكاء خارق، مقدما رسائل هامة جدا أولها الحفاظ على المصالح الوطنية وأنها فوق أي اعتبار، وموضوع التهجير والقضية الفلسطينية والسلام، رسائل أكثر من هامة.

الخبر الرئيسي لعدد من الصحف العالمية وأبرزها نيويورك تايمز حملت عنوانا «العاهل الأردني يرفض مقترحات ترامب بتهجير الفلسطينيين في غزة»، وفي صحيفة الجاردين «الملك عبدالله يرفض دعوه ترامب للأردن لاستقبال النازحين الفلسطينيين»، وصحيفة الأيام الفلسطينية «العاهل الأردني: أكدتُ لترامب رفض تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة» قدس برس خرجت بعنوان «العاهل الأردني: يحذر من محاولات «إسرائيل» تهجير الفلسطينيين»، وفي عنوان آخر «ترامب يضغط على الأردن لاستقبال فلسطينيين من غزة والملك يعارض بشدة المقترح الأميركي»، بطبيعة الحال هذا جزء من كل تناولته وسائل الإعلام المختلفة عربيا وعالميا حول لقاء جلالة الملك بترامب، الإعلام الذي رأى وتابع الحقائق كاملة وقدّمها كما يجب، بعيدا عن أي نوايا سلبية ضد الأردن.

لقاء جلالة الملك عبد الله الثاني بالرئيس الأمريكي ليس عاديا، أو بروتوكوليا، إنما تأسيس لحالة أردنية وعربية سياسية بدأت مع دخول جلالة الملك البيت الأبيض، قابلت الانحياز الأمريكي الكبير للمخططات الإسرائيلية، ببراعة ودبلوماسية رفضا لكل ما يسعى له الطرفان أمريكا وإسرائيل، وتأكيدا على الثوابت الأردنية، ووضع كافة قضايا المنطقة بواقعية على طاولة الرئيس الأميركي بشجاعة سيكتبها التاريخ بأحرف من نور.

قابل جلالة الملك عبد الله الثاني دعوات ترامب للتهجير، بحديث جلالته عن علاج الأردن 2000 طفل من غزة، بروح الإنسانية والإغاثة ومد يد العون الحقيقي دون التهجير، مقدما العلاج لهم، كما لم ينقطع للحظة عن تقديم المساعدات للأهل في غزة لأكثر من عام بكل ما يحتاجون من عون إنساني وإغاثي، فهذا هو الملك عبد الله الثاني وهذا هو بلده الأردن، الذي يدعم فلسطين ولم يخذلها يوما، محافظا على حقوق الشعب الفلسطيني الشرعية وعلى مصالح الأردن الوطنية.

شكرا جلالة الملك.. شكرا سيدنا، لتفاصيل نباهي بها العالم قدمتها ببراعة وذكاء وعبقرية أبقت الأردن وطنا متفرّدا سياسيا ودبلوماسيا وإنسانيا.