مصير غزة أمام سيناريو التمدد والتهجير... الرنتاوي يوضح لـ"أخبار الأردن"

 

قال مدير عام مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي إن التطورات الإقليمية تتسارع لتكشف عن أبعاد جديدة في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث باتت المنطقة أمام ديناميات ومعادلات غير مسبوقة، تعيد رسم خارطة النفوذ والمواقف.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب جاءت لتؤكد التوجهات التوسعية لإسرائيل، حيث أشار بوضوح إلى إمكانية تنفيذ خطة الضم، معتبراً ذلك "أمرًا محتملًا"، في تحول يعكس انقلابًا على ما كانت تُعتبر إنجازات دبلوماسية لإدارته قبل توليها السلطة، إذ إن هذا الزخم الذي استحدثه ترمب ومبعوثه إلى المنطقة، ستيف بيتكوف، كما يشهد بذلك الوسطاء العرب، أدى إلى تسريع وتيرة الأحداث ودفع بالأوضاع نحو حافة الانفجار.

وبيّن الرنتاوي أن ما يمكن وصفه بـ"قنبلة التهجير" أدخل المرحلة الثانية من هذا الصراع في نفق مظلم محفوف بالمخاطر، ذلك أن السيناريو الأكثر ترجيحًا الآن هو عودة المواجهة المفتوحة في قطاع غزة، بالتوازي مع تصعيد الاستيطان في الضفة الغربية، ولا يُستبعد أن تكون القنبلة التالية متمثلة في ضم مساحات واسعة من الضفة، ما يشير إلى أن المنطقة تقف على شفا تغييرات جذرية.

وذكر الرنتاوي أن مجريات هذه المرحلة الحساسة تعتمد بشكل كبير على قدرة المقاومة الفلسطينية في إدارة المواجهة في ظل ظروف استثنائية، وعلى صمود الشعب الفلسطيني فوق أرضه، خاصة في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، في وقتٍ سيكون الموقف العربي فيه حاسمًا هذه المرة، إذ لم يعد التضامن اللفظي كافيًا، فقد أظهرت الأشهر الستة عشر الماضية مواقف عربية مترددة وخجولة.

غير أن النار التي اندلعت في الثوب الفلسطيني باتت تهدد الأمن والاستقرار في الدول العربية المجاورة، فالأردن، بحكم موقعه الجغرافي والديموغرافي، يواجه تهديدًا وجوديًا يمس هويته الوطنية وكيانه السياسي، بينما تهدد هذه النيران استقرار مصر وأمنها القومي، أما السعودية، فقد بدأت كرة النار تتدحرج نحوها، خصوصًا بعد اقتراح نتنياهو، المستند إلى مشروع ترامب، بإقامة دولة فلسطينية على الأراضي السعودية، في خطوة تعكس مدى الانفصال عن الواقع، وفقًا لما قاله الرنتاوي لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

واستطرد متسائلًا ما إذا ستتمكن قمة القاهرة من صياغة موقف عربي موحد يرتقي إلى مستوى التحديات أم أن الأنظمة ستبحث عن حلول وسط، تراوح بين الكارثة والانهيار، في ظل إدارة أمريكية متغطرسة وحكومة إسرائيلية متطرفة؟.

ولفت الرنتاوي الانتباه إلى أنه لا يمكن توقع تنازل الحكومة الإسرائيلية عن مطالبها وشروطها التي تتجاوز حتى سقف الطروحات الأمريكية، فنتنياهو لا يسعى فقط لتدمير حماس، بقدر ما يطمح إلى تهجير سكان غزة بالكامل، وهو ما يتلاقى مع رؤية ترمب الصريحة لتصفية القضية الفلسطينية.

وأشار إلى أن الأردن، وبحكم علاقاته واعتماده النسبي على الولايات المتحدة، يحاول تجنب مواجهة مباشرة مع إدارة ترمب، التي توصف بـ"البلدوزر" و"الفيل الهائج"، غير أن الموقف الأردني واضح في رفضه للتهجير ولتحويل المملكة إلى وطن بديل للفلسطينيين، وقد عبّر جلالة الملك عن هذا الموقف بطريقة دبلوماسية، مشددًا على ضرورة إعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها، وهو موقف يتلاقى مع مواقف مصر والسعودية.

ونوّه الرنتاوي إلى أن الموقف الشعبي الأردني أكثر حدة وتفجرًا، حيث لم تُترك بقعة أو عشيرة أو مخيم دون التعبير عن رفضها القاطع للتهجير، فهذه المسألة تمثل تهديدًا وجوديًا للأردن، يمس توازنه الديموغرافي وهويته الوطنية.

واختتم حديثه بالقول إن استمرار العرب في حالة التردد والعجز لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأوضاع، وفتح الباب أمام سيناريوهات كارثية تشمل تجدد الحرب في غزة، وضم الضفة الغربية، وامتداد الأزمة إلى مصر، والأردن، والسعودية، ولا يمكن التصدي لهذا المشروع إلا بموقف عربي موحد، يستثمر أوراق القوة المتاحة لإسقاط هذه المخططات ووضع حد للغطرسة الأمريكية والإسرائيلية.