السبايلة لـ"أخبار الأردن": 3 خطوات جوهرية حققها الأردن من خلال لقاء ترمب

 

قال خبير الشأن الاستراتيجي الدكتور عامر السبايلة إن الأردن استطاع أن يحقق ثلاث خطوات جوهرية في تعاطيه مع الولايات المتحدة، مما عزّز موقعه فاعلًا رئيسًا في المشهد الإقليمي، وأكّد مكانته شريكًا استراتيجيًا قادرًا على الموازنة بين المصالح الوطنية والاعتبارات الدولية.

أولًا، نجح في ترسيخ موقعه حليفًا استراتيجيًا موثوقًا بالنسبة لواشنطن، وهي خطوة بالغة الأهمية في سياق التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي تشهدها المنطقة، فالأردن، بحكم موقعه الجغرافي ودوره المحوري، لم يكتفِ بتلقي مخرجات السياسة الأمريكية، وإنما سعى إلى التفاعل معها بذكاء، بحيث يظل شريكًا لا غنى عنه في أي ترتيبات إقليمية مستقبلية، مضيفًا في تصريحٍ خاص لصحيفة "اخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه الشراكة لم تُبْنَ على التبعية، فالأردن قادر على تقديم قيمة مضافة في الملفات الاستراتيجية التي تهمّ الولايات المتحدة، بدءًا من مكافحة الإرهاب، ومرورًا بإدارة الأزمات الإقليمية، وصولًا إلى الحفاظ على الاستقرار في بيئة مضطربة.

ثانيًا، قدّم الأردن طرحًا يقوم على ضرورة إيجاد حلول عملية وواقعية للقضايا المطروحة، مؤكدًا أن غياب الحلول القابلة للتطبيق لا يؤدي إلا إلى تعميق الأزمات وإطالة أمدها، ومن هذا المنطلق، لم يكن الموقف الأردني سلبيًا أو معطِّلًا، بقدر ما كان استباقيًا في تقديم تصورات بديلة مدعومة عربيًا، بما يضمن تحقيق التوازن بين مختلف المصالح، دون المساس بالحقوق الوطنية الأردنية أو تعريض ثوابته السياسية لأي تهديد، مستطردًا السبايلة أن الأردن شدّد على أهمية الدور الإقليمي الفاعل في أي معادلة سياسية قادمة، بحيث لا يكون مجرد متلقٍّ للقرارات، بل شريكًا في صياغتها بما يتلاءم مع مصالحه العليا.

ثالثًا، ركّز الأردن على أن الشراكة مع الولايات المتحدة ينبغي ألا تكون محكومة فقط بالاعتبارات الدبلوماسية التقليدية، إذ يجب أن تترجم إلى نتائج ملموسة تعود بالنفع المباشر على الأمن الوطني الأردني، وهذا يتطلب إعادة تعريف طبيعة هذه العلاقة، بحيث لا تكون قائمة على الاستجابة لمتطلبات الطرف الأقوى، وإنما على أساس ندّي يضمن الحفاظ على التوازنات الإقليمية والاستراتيجية التي تحمي المصالح الأردنية، ذلك أن الأردن، بوعيه العميق بطبيعة السياسات الدولية، يدرك أن قوة أي تحالف تكمن في قدرته على تحقيق مكاسب متبادلة، لا في ارتهان طرف لقرارات الآخر.

ولفت السبايلة الانتباه إلى أن المقاربة الأردنية في التعاطي مع الموقف الأمريكي لم تكن انفعالية أو ارتجالية، بل مدروسة بعناية، وقائمة على استيعاب الطروحات المطروحة، والانخراط في نقاشات جادة حول البدائل الممكنة، مع الالتزام الصارم بعدم السماح بأي تسويات تمس المصالح الوطنية الأردنية، فقد حرص الأردن على تقديم نفسه، ليس عائقًا أمام الحلول المطروحة، ولكن طرفًا عقلانيًا يوازن بين الواقعية السياسية والحفاظ على الثوابت السيادية، ومن هذا المنطلق، تمكّن من إدارة هذا التحدي بقدر عالٍ من الحنكة السياسية، بحيث يظل طرفًا فاعلًا ومؤثرًا، دون أن يكون عرضة للضغوط التي قد تمس جوهر مصالحه الاستراتيجية.