جرار يتحدث لـ"أخبار الأردن" عن مآلات تعليق إطلاق سراح المختطفين
قال عضو الحزب الجمهوري بشار جرار تعليقًا على البيان الأخير الصادر عن حركة حماس، والمرتبط بوقف إطلاق سراح المختطفين حتى إشعار آخر، إنه يمثل منعطفًا حساسًا يعكس تعقيدات المشهد الفلسطيني - الإسرائيلي وتداخل الأبعاد الإقليمية والدولية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن إن توقيت هذه الخطوة ليس اعتباطيًا، فلو كانت هناك نية حقيقية لإفشال الجهود الدبلوماسية، لتم ذلك قبيل الموعد المحدد بوقت قصير، إلا أن منح أربعة أيام، تزامناً مع محادثات مكثفة على المستويين السياسي والدبلوماسي، يفتح الباب أمام تفسيرات متعددة تتجاوز البعد الفلسطيني الضيق.
ولعل من أبرز ملامح هذا الحراك، اللقاء المرتقب غدًا في واشنطن بين الرئيس دونالد ترامب وجلالة الملك عبد الله الثاني، وهو لقاء يُتوقع أن يُلقي بظلاله على مجمل الترتيبات الإقليمية، لا سيما فيما يتعلق بالملف الغزّي، وما يتبع ذلك من لقاء مرتقب مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في غضون أسبوع، ما يشير إلى حراك دبلوماسي مكثف يُعنى بإعادة صياغة توازنات المنطقة برمتها، وليس فقط حلحلة الأزمة الإنسانية أو الأمنية في غزة.
وبيّن جرار أن الرسالة التي تسعى حماس لإيصالها من خلال هذا البيان تتجاوز مجرد تأكيد الحضور أو فرض شروط تفاوضية، وهي، في جوهرها، محاولة لإعادة تعريف دور الحركة في المشهد الإقليمي والدولي، وكأنها تقول: "نحن الرقم الصعب في أي معادلة تتعلق بغزة والمنطقة"، وهو ما ظهر في اللافتة التي وُضعت خلف الدفعة الأخيرة من الرهائن الذين أُفرج عنهم، وما حملته من دلالات رمزية، عكست رغبة حماس في التأكيد على مكانتها كطرف لا يمكن تجاوزه.
غير أن ردود الفعل الدولية، وخاصة من الإدارة الأمريكية، لم تتأخر، فقد أعرب الرئيس ترامب عن استيائه، مشيرًا إلى الحالة الصحية المتدهورة للأسرى المُفرج عنهم، بل وقارنها بأوضاع المعتقلين في معسكرات الهولوكوست النازية، وهي مقارنة تحمل في طياتها أبعادًا سياسية وإعلامية خطيرة، فتصريح ترامب، بأن "الصبر الأمريكي له حدود"، يحمل في طياته رسالة مباشرة لحماس، تُفيد بأن استمرار هذه السياسة سيضع الحركة في مواجهة مباشرة مع ضغوط دولية متزايدة.
وذكر جرار أن حماس – يبدو - لا تزال عالقة في عقلية ما قبل السابع من أكتوبر، وتتصرف كما لو أن المشهد الإقليمي لم يتغير، فبدلًا من مراجعة استراتيجياتها، تستمر في نسج تحالفاتها التقليدية، كما يظهر في تهنئة خليل الحية للإيرانيين، وهو ما يعكس ارتباطات إقليمية تُعيد إنتاج الأزمات، ليس فقط لغزة، بل للمنطقة بأسرها.
وعمَّا تحدثت به حماس عن خروقات إسرائيلية، أشار إلى أنه يمكن لمثل هذه الادعاءات أن تُحدث صدى في الأوساط الدبلوماسية، خاصة لدى الوسطاء الدوليين الذين يسعون للحفاظ على استقرار الوضع الإنساني، غير أن الأهم من ذلك هو السياق الذي تأتي فيه هذه الادعاءات، فهي تتزامن مع تصريحات واضحة من وزير الدفاع الإسرائيلي، الذي أعلن استعداد إسرائيل لتسهيل خروج من يرغب من سكان غزة عبر معابر جوية وبحرية وبرية.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتعداه إلى تصريحات أكثر خطورة، كإعلان خليل الحية بأن "غزة لم تعد صالحة للسكن"، وهو تصريح يُثير الكثير من علامات الاستفهام حول التوقيت والدلالات، وهذا الخطاب، سواء أدركت حماس أم لم تدرك، يتقاطع مع الروايات التي تسعى لدفع سكان غزة نحو التهجير القسري، سواء كان ذلك بأساليب مباشرة أو عبر سياسات التضييق الاقتصادي والمعيشي، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
ونوهّ جرار إلى أن محاولات حماس لإظهار نفسها مدافعًا عن الشعب الفلسطيني، في ظل هذه الظروف، تبدو متناقضة مع الواقع، فالحركة، بوعي أو دون وعي، تُساهم في تعقيد الوضع وتوفير ذرائع لأطراف إقليمية ودولية لتبرير سياساتهم تجاه غزة.
ولفت الانتباه إلى أن الإدارة الأمريكية ستتخذ من هذا البيان ذريعة إضافية لتأكيد موقفها الثابت باعتبار حركة حماس تنظيمًا إرهابيًا لا يُعير أي اعتبار لمعاناة المدنيين، وهذا الموقف سيُستخدم جزءًا من السردية الأمريكية لتبرير الحاجة إلى استمرار العمليات العسكرية، تحت شعار "تحرير غزة من براثن الإرهاب" و"إنقاذ المدنيين الفلسطينيين من حكم حماس"، ذلك أن هذه السردية، في جوهرها، تخدم أجندات متعددة، ليس أقلها أجندة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يسعى لاستغلال هذه التطورات لإعادة تفعيل العمليات العسكرية، وربما توسيع نطاقها، فإعلان إسرائيل عن استعدادها لاستخدام "أم القنابل" لتدمير البنية التحتية لحماس يؤكد أن هناك توافقًا ضمنيًا بين إدارة ترامب والحكومة الإسرائيلية على أن هذه العمليات ستستمر حتى تحقيق أهدافها، بغض النظر عن مصير اتفاقيات تبادل الأسرى.