المجدوبة يكتب: مرفوض!

  د. أحمد يعقوب المجدوبة

منذ مدّة أدخل أحدهم في أذهان الإدارات الأميركية أن الآخرين لا يفهمون إلاّ لغة القوة. وأن علاقات الدول يحكمها المبدأ الدارويني «البقاء للأصلح»، بمعنى الأقوى. وأن الحضارات تؤطرها الصراعات.

فإذا أرادت أميركا أن تحقق مصالحها وتفرض احترامها، عليها أن تمارس القوة، وتؤجج الأزمات.

المقصود بـ"الآخرين» الشعوب والدول الواقعة خارج «الغرب».

مثل هذا التفكير قديم قدم الإنسانية، ممثلاً بمقولة «القوة هي الحق»، لكنه بدأ يظهر في أميركا في ثمانينيات القرن الماضي، مع مجيء رونالد ريغن للحكم وظهور تيار «المحافظين الجدد».

عدة إدارات أميركية تبنّت الطرح منذ ذلك الوقت؛ لكن ليس كلّها.

الكثير يمكن أن يقال هنا؛ لكننا نختصر ونقول:

أولاً، يتعارض الطرح تعارضاً مباشراً مع التطور الإيجابي في الفكر الإنساني. فمنذ فجر التاريخ خاضت القبائل والشعوب والدول حروباً وصراعات مدمّرة لا حصر لها لتتوصل البشرية إلى أن السبيل الأنجح والأنجع في التعامل هو الحوار والتفاهم والتفاوض، ثم احترام المصالح المشتركة والتعاون.

لا بل إننا تاريخياً الآن في مرحلة الانفتاح والتعددية الثقافية وما بعد الاستعمار.

تبني نهج القوة خطوة رجعية تقفز عن مكتسبات الفكر الإنساني ودروس التاريخ وتعيدنا إلى عصور الظلام.

ثانياً، يصطدم الطرح مع المبادئ التي أسست عليها أميركا ذاتها، والمتجسدة في «إعلان الاستقلال» عام 1776 والذي نص صراحة على أنّ حق كل أمة في «الاستقلال» و"المساواة» مع الأمم الأخرى حقٌ «مَنَحهُ الخالق» وأن «الناس كلّهم خلقوا متساوين» وأن «الخالق قد