مستوى الإنجليزية بين الأكاديميين والطلبة.. عبيدات يكشف المستور لـ"أخبار الأردن"
قال الخبير التربوي والاجتماعي الدكتور ذوقان عبيدات إن تعلّم اللغة الإنجليزية في عصرنا الراهن أضحى ضرورة مُلِحّة لا يمكن التغاضي عنها أو التقليل من شأنها، سواء بالنسبة للأساتذة الجامعيين، أو حتى للأفراد الساعين إلى تعزيز قدراتهم الفكرية والعملية، إذ إنه من الملاحظ وجود فئة واسعة من الأفراد، بمن فيهم بعض الأكاديميين والطلبة، الذين لا يمتلكون القدرة على التحدث أو التعامل بفاعلية مع هذه اللغة.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه الضرورة تنبع من بعدين رئيسيين؛ أولهما أن اللغة الإنجليزية باتت، بحكم الواقع، لغة العلم والمعرفة بلا منازع، حيث تُنتج معظم الأبحاث الرصينة والمراجع الأكاديمية ذات القيمة العلمية العالية بها، ما يجعل عدم إتقانها عائقًا جوهريًا أمام الانخراط الفعّال في الحقول البحثية والعلمية، إذ لا يمكن تصور أستاذ جامعي لا يتقن هذه اللغة، فمن يقتصر في قراءاته على المصادر العربية، يجد نفسه محصورًا ضمن نطاق معرفي ضيق، نظرًا لشح الإنتاج العلمي باللغة العربية، وهو ما يحدّ من قدرته على مواكبة أحدث المستجدات والابتكارات في مجاله الأكاديمي.
أما البعد الثاني، فيكمن في كون اللغة الإنجليزية أصبحت الركيزة الأساسية للانخراط في سوق العمل، حيث تشترط غالبية المؤسسات والشركات متعددة الجنسيات، بل وحتى المحلية، إتقانها متطلبًا رئيسًا للتوظيف، فالمهارات اللغوية لم تعد مجرد إضافة نوعية تزيد من فرص القبول في الوظائف، بقدر ما أضحت شرطًا جوهريًا لضمان الانخراط في بيئات عمل ديناميكية تقتضي التعامل مع عملاء وشركاء من خلفيات ثقافية متعددة، وفقًا لما صرّح به عبيدات لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وبيّن أن التكنولوجيا الحديثة والأنظمة الرقمية تعتمد بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، في إشارة إلى أن القدرة على استخدامها بتمكن بات مؤشرًا على الجاهزية المهنية والكفاءة الوظيفية.
ونوّه عبيدات إلى أن هذا الطرح لا يقصد منه انتقاص مكانة اللغة العربية أو تقليل من شأنها، فهي تبقى مكوّنًا أساسيًا للهوية الثقافية، ووسيلة جوهرية للتعبير عن الذات وتعزيز الروابط المجتمعية، إلا أن الاقتصار عليها وحدها في عالم يتّسم بالتداخل اللغوي والمعرفي الهائل من شأنه أن يُضيّق الأفق العلمي والمهني للفرد، فاللغة جسر يربط الشعوب، ونافذة تُطل على المعارف والابتكارات التي تتشكل في مختلف بقاع العالم، وليس من قبيل المبالغة القول إن من يُتقن لغة واحدة يحيا في عالم محدود، بينما من يُتقن لغتين يُضاعف آفاقه، ومن يُتقن خمس لغات يعيش حيوات متعددة، حيث تتوسع رؤيته، وتتعزز قدرته على فهم التنوع الثقافي واستيعاب مستجدات العصر.
وفي هذا السياق، لا ينظر لإتقان اللغة الإنجليزية على أنه ترف فكري أو خيار فردي، وإنما معيار حاسم في عمليات التوظيف الأكاديمي والمِهني، إذ لم يعد من المستغرب أن تدرج الجامعات شرط إتقان هذه اللغة ضمن متطلبات تعيين أعضاء هيئاتها التدريسية، بغض النظر عن تخصصاتهم، سواء في الفيزياء، أو الأدب، أو حتى في تدريس اللغة العربية نفسها، مضيفًا أن الحاجة إلى إتقانها تمتد إلى مجالات غير أكاديمية، كعالم الرياضة، حيث يحتاج اللاعبون إلى التواصل مع مدربين عالميين، وقطاعات الأعمال، التي تتطلب التعامل مع شركات دولية، كما قال.
ولفت عبيدات الانتباه إلى أن عدم إتقان اللغة الإنجليزية يعد واحدًا من أبرز التحديات التي تواجه الأكاديميين والمهنيين على حد سواء، إذ يحدّ من قدرتهم على الاستفادة من الفرص المتاحة، ويضعف من حضورهم في ميادين البحث والعمل، ومن هذا المنطلق، لم يعد السؤال اليوم ما إذا كان ينبغي تعلّم الإنجليزية، بل إلى أي مدى ينبغي للمرء أن يُتقنها ليكون قادرًا على مواكبة التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم.