الديري تكتب: لا لتهجير غزة.. لا لمشاريع تصفية القضية الفلسطينية

  حلا الديري.

اليومَ، نحنُ أمامَ قضيَّةٍ تتجاوزُ حدودَ فلسطينَ، فهي تمسُّ كلَّ أردنيٍّ، وكلَّ عربيٍّ، وكلَّ إنسانٍ حرٍّ في هذا العالمِ. الحديثُ عن تهجيرِ

 أهلِنا في غزَّةَ إلى الأردنِ ليسَ مجرَّدَ إشاعةٍ أو تحليلٍ سياسيٍّ عابرٍ، بل هوَ مُخطَّطٌ خطيرٌ يهدفُ إلى إنهاءِ القضيَّةِ الفلسطينيَّةِ من جذورِها، وتحويلِها من قضيَّةِ تحرُّرٍ وحقٍّ إلى قضيَّةِ لجوءٍ وإنسانيَّةٍ.

غزَّةُ اليومَ تُقاتلُ من أجلِ البقاءِ، تقفُ صامدةً تحتَ القصفِ والتجويعِ والحصارِ، ومع ذلكَ، يظلُّ أهلُها متمسِّكينَ بحقِّهم في أرضِهم. فلماذا يُطرَحُ التهجيرُ كحلٍّ؟ هل الحلُّ الحقيقيُّ يكمنُ في اقتلاعِ السكَّانِ الأصليِّينَ من أراضيهم؟ أمْ في إنهاءِ الاحتلالِ ورفعِ الظلمِ عنهم؟

الأردنُّ كانَ وما زالَ الحُضنَ الدافئَ للأشقاءِ الفلسطينيِّينَ، لكنَّهُ ليسَ بديلاً عن فلسطينَ، ولنْ يكونَ كذلكَ. فالأردنيُّونَ يرفضونَ أنْ يُفرَضَ عليهمْ أنْ يكونوا جزءًا من مخطَّطِ تهجيرٍ قسريٍّ يستهدفُ تصفيةَ القضيَّةِ الفلسطينيَّةِ. نحنُ نعي تمامًا أنَّ هذا الطرحَ لا يخدمُ إلَّا المحتلَّ، الذي يسعى إلى تفريغِ الأرضِ من أصحابِها، وإلغاءِ حقِّ العودةِ الذي كفلَتْهُ المواثيقُ الدوليَّةُ.

إنَّ أهلَنا في غزَّةَ لهمْ حقٌّ ثابتٌ في أرضِهمْ، في بيوتِهمْ، في مستقبلِهمْ هناكَ، وليسَ في أيِّ مكانٍ آخرَ. ومنْ واجبِنا جميعًا أنْ نقفَ صفًّا واحدًا ضدَّ هذا المخطَّطِ، وأنْ نرفعَ صوتَنا عاليًا لنقولَ: لا لتهجيرِ غزَّةَ إلى الأردنِ، لا لمشاريعِ تصفيةِ القضيَّةِ الفلسطينيَّةِ، لا لطمسِ حقِّ العودةِ تحتَ أيِّ ظرفٍ.

إنَّ الوعيَ الشعبيَّ هوَ خطُّ الدِّفاعِ الأوَّلُ ضدَّ هذهِ المشاريعِ المشبوهةِ. فكلُّ محاولةٍ لجعلِ التهجيرِ أمرًا واقعًا يجبُ أنْ تُواجَهَ بالرَّفضِ التامِّ. فلسطينُ للفلسطينيِّينَ، والأردنُّ للأردنيِّينَ، والكرامةُ لا تُباعُ ولا تُشترى. فلنكنْ جميعًا صوتًا للحقِّ، ولنقفْ في وجهِ كلِّ محاولاتِ طمسِ الهُويَّةِ الفلسطينيَّةِ وسلبِ حقوقِ شعبِها.

إنَّنا نعيشُ في زمنٍ تحاولُ فيهِ القوى الكبرى فرضَ واقعٍ جديدٍ في المنطقةِ، لكنَّ إرادةَ الشعوبِ أقوى من أيِّ مخطَّطٍ يُحاكُ في الظلامِ. لا بدَّ من الاستمرارِ في نشرِ الوعيِ حولَ مخاطرِ التهجيرِ القسريِّ، وتوحيدِ الصفِّ العربيِّ والإسلاميِّ لمواجهةِ هذهِ التحدياتِ المصيريَّةِ. فالقضيَّةُ الفلسطينيَّةُ كانتْ وستظلُّ قضيَّةَ العربِ والمسلمينَ جميعًا، ولنْ يُسمَحَ لأحدٍ بطمسِها أو تحويرِ مسارِها.