الغزوي يكتب: المنتصرات
رمزي الغزوي
جاء في الأسطورة اليونانية المثيرة أن الأمازونيات شعبٌ يتكون من النساء فقط. نساء شديدات البأس، مقاتلات عنيدات جبارات، وهنّ أوّل من سخّر الحصان في ميادين المعارك. والمهم من كلِّ هذا، أن الواحدة منهن، وقبل أن تصبح مقاتلة رسمية، كانت تستأصل ثديها؛ كي لا يعيق استخدامها للرماية بالقوس، أو الطعن بالسيف والرمح.
بمناسبة اليوم العالمي للسرطان الذي أحياه العالم يوم امس طالعت لقاء صحفياً لسيدات انتصرن على سرطان الثدي بعد معارك ضارية معه. فأخذني عنفوانهن نحو الشعور العالي بقوة الحياة ومعانيها، وتساميت مع بوح منحنا جرعة مشبعة من الأمل والإقدام، وآمنت أن كل ناجية من المرض ما هي إلا قصة تستحق الرواية بماء البقاء.
لكني في اللقاء، لم أدقق عند ما حدث مع أمازونية تقول إنها وقفت 16عاماً مع زوج عقيم، لم يجعلها أماً، ولكنه كان أول ساخر من تهاطل شعرها على الوسادة مع بدء العلاج الكيماوي، وأول نافر من صفرة بشرتها، بل تمتم وهو يغادر حياتها: ها أنت أصبحت رجلاً أصلع. وتضيف هذه السيدة المكلومة، إنه وبعد سنتين، سمعت بموته بسرطان الثدي في غربته. اللهم لا شماتة. رحمه الله.
هذه من شواذ الحالات. فالسائد أن غالبية الرجال يرابطون على خط الدفاع الأول مع زوجاتهم المريضات. ثم من قال، إن الرجل بمنأى عن سرطان الثدي، صحيح أن نسبة الإصابة لا تتجاوز الواحد بالألف، ولكنها قد تحدث. وهي واحد إلى ثمانية عند المرأة، ولكنه قد لا يحدث.
قبل حملات التوعوية الزهرية لمؤسسة الحسين للسرطان لتشجيع الفحص المبكر عن سرطان الثدي كان الوضع مأساويا. فمعظم الحالات كانت تخضع للعلاج بعد دخولها مراحل متقدمة من الاستفحال.