ابوعرقوب يكتب: صفقة العصر

  د.حسان ابوعرقوب

سمعنا مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول تهجير أهل غزّة إلى الأردن ومصر، لتتمكن الجهات المعنية من إعادة إعمار غزة، والغزيّون ربما يعودون وربما لا يعودون إلى ديارهم، فمصيرهم يظلّ رهن المجهول.
وهنا أودّ أن أشكر الرئيس الأمريكي لاهتمامه بإعادة إعمار غزة، هذه الأرض التي لا تتجاوز مساحتها 360 كم مربعا تشغل مساحة من تفكير رئيس الدولة العظمى في العالم، هذا يشير إلى أنها تستحق الاهتمام بلا شك، فلمَ يغادرها أهلها إذن؟ وهم أولى الناس بإعمارها وإعادة بنائها، وهم الذين لم يتركوها على الرغم من حرب الإبادة الشاملة التي شنها عليهم الكيان الغاصب، بحرب همجية بربرية لا تعرف شيئا من معاني الرحمة أو الشفقة، ضاربا بعرض الحائط كل المواثيق والعهود الدولية، التي تتعلق بالحروب.

حتى الحرب لها قوانينها وآدابها، حتى لا تتحوّل إلى حرب قذرة، الهدف منها إبادة المدنيين، وهذا ما فعله الكيان الغاصب، حيث استهدف المدنيين ونكل بالبشر والحجر والشجر، ليجعل من غزّة ركاما لا يصلح للعيش، ومع ذلك لم يخرج أهلها منها، وتمسكوا بها، وعادوا لشمالها المكلوم المدمّر، فكيف ندعو –بعد الحرب- أهل غزّة لتركها، لنعطي الكيان الغاصب بالتهدئة ما لم يستطع أخذه بالحرب والبطش والقوة!

وهنا أقترح على السيد الرئيس ترامب مقترح العصر، وخلاصته: تبلغ مساحة الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 9،8 مليون كيلومتر مربع، وتقدّر المساحة غير المأهولة بنصف المساحة الكلية، أي 4،5 مليون كيلومتر مربع. بينما تبلغ مساحة الكيان الغاصب إذا ضممنا إليه الجولان والضفة وغزة 27،000 كيلو متر مربع. حروب ودماء وإجرام وقتل وتدمير من أجل هذه المساحة الصغيرة جدا، هذا أمر غير مجد بلا شك، ويشكل صفقة خاسرة للجميع. فالحل أن ينتقل أبناء الكيان الغاصب جميعا إلى المساحات غير المأهولة في الولايات المتحدة الأمريكية، ليتم بناء تلك الأماكن والاستفادة منها على الوجه الأمثل، وفي هذه الخطوة إنهاء للصراع العربي مع الكيان الغاصب المحتلّ، وإن شاءت الولايات المتحدة أن تمنح هؤلاء الضيوف أرضا ووطنا قوميا على مساحة تعادل المساحة المحتلة من أرضنا فهذا سيكون غاية في الكرم.

أما التبرع بتوطين أهل غزة في غير وطنهم فأمر لا يقبله أهل غزة، ولا تقبله الدول الأخرى، وعلى الكيان الغاصب أن يتحمّل مسؤوليته في إحداث الدمار والقتل والتشريد، بأن يساهم في إعادة البناء والإعمار، ويحمل جزءا من الفاتورة، وأن يرضى بمجاورة شعب لا يسكت على ضيم أبدا.