بني ارشيد لـ"أخبار الأردن": 4 مرتكزات على الأردن تبنيها لمواجهة التهجير

 

  • واقع جديد يهدد الأمن القومي الأردني بشكل مباشر
  • صياغة إطار تحصيني متكامل من خلال إعادة بلورة الهوية الوطنية الجامعة
  • إعادة التموضع الإقليمي والدولي وفق مقاربات واقعية ومرنة
  • بناء تحالفاتٍ عربية متماسكة تقوم على المصالح المشتركة
  • تطوير الخطاب السياسي بما يتضمن بدائل استراتيجية غير تقليدية
  • تشكيل جبهة موحدة قادرة على التصدي لأي محاولات لتقويض الأمن القومي العربي
  • علينا بالواقعية السياسية دون التفريط بالثوابت الوطنية

قال الأمين العام السابق لحزب جبهة العمل الإسلامي زكي بني ارشيد إن الأردن يواجه تحدياتٍ جوهرية تتسم بطابع استراتيجي بالغ الخطورة، تنبع من التداعيات المتسارعة للمشروع الصهيوني، الذي لم يعد مقتصرًا على استكمال حلقات التوسع الجغرافي، ليتجاوز ذلك إلى إعادة رسم المشهد السياسي والأمني في المنطقة برمتها.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن ما قد يضاف إلى ذلك هو التنامي المقلق لنفوذ التيارات اليمينية والدينية المتطرفة داخل المنظومة الإسرائيلية، التي باتت تُمسك بمقاليد القرار وتُوجه السياسات الإسرائيلية وفق أيديولوجياتٍ إحلاليةٍ إقصائيةٍ لا تعترف بالحدود ولا تُقيم وزنًا لمعادلات التوازن الإقليمي.

وبيّن بني ارشيد أن هذا التهديد ليس حكرًا على الداخل الإسرائيلي، فقد وجد دعمًا وتأييدًا من مراكز القوى العالمية، وعلى رأسها الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب، الذي شكل نقطة تحوّل مفصلية في تاريخ الانحياز الأمريكي المطلق للمشروع الصهيوني، بدءًا من قراره المثير للجدل بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ومرورًا باعترافه غير الشرعي بضم الجولان السوري المحتل، وانتهاءً بإطلاقه العنان لمساعي توسيع الكيان الصهيوني على حساب الحقوق العربية المشروعةـ لترسخ هذه التطورات، مجتمعةً، واقعًا جديدًا يهدد الأمن القومي الأردني بشكل مباشر، ويستدعي استجابة غير تقليدية تتجاوز ردود الفعل الآنية إلى تبنّي استراتيجيات مواجهة استباقية تُراعي تعقيدات المشهد الإقليمي ومتغيراته المتسارعة.

إشكالية المواجهة ومتطلبات التحصين الاستراتيجي

في ضوء هذه التحديات، أصبح الأردن أمام لحظةٍ تاريخيةٍ فارقة، تتطلب تكاملًا يحقق توازنًا دقيقًا بين المصالح الوطنية الأردنية، والاعتبارات الإقليمية والدولية المتشابكة، ورغم أن الخطوات التي اتخذها الأردن في هذا السياق تمثل محاولاتٍ ذات قيمة استراتيجية، فإنها لا تزال بحاجة إلى تطويرٍ نوعيٍّ يعزز من فعاليتها ويضمن تحولها إلى مشروع وطني شامل يستند إلى أسس متينة من الإجماع الشعبي والسياسي، وفقًا لما قاله.

ونوّه بني ارشيد إلى أن صياغة إطار تحصيني متكامل يتطلب مراعاة 4 مرتكزات رئيسية هي إعادة بلورة الهوية الوطنية الجامعة من خلال بناء موقف وطني صلب وصياغة مشروع جامع يُعزز اللحمة الوطنية ويخلق حالةً من الاصطفاف الداخلي، بحيث يتم تجاوز أي تباينات سياسية أو فكرية قد تُعرقل وحدة الموقف الوطني في مواجهة التهديدات الخارجية، وهذا يستلزم تفعيل قنوات الحوار الوطني، وإشراك مكونات المجتمع الأردني كافة في بلورة رؤية استراتيجية موحدة، قادرة على توحيد الجهود الرسمية والشعبية تحت سقف مشروع وطني يتجاوز الحسابات الآنية إلى تأطير نهج طويل الأمد.

وهناك إعادة التموضع الإقليمي والدولي وفق مقاربات واقعية ومرنة، ففي ظل البيئة الإقليمية المتحولة، لم يعد من الممكن الركون إلى التحالفات التقليدية وحدها كضامنٍ للأمن والاستقرار، ذلك أن المشهد الجيوسياسي الراهن يفرض على الأردن إعادة تموضعه في خارطة العلاقات الإقليمية والدولية عبر تبني سياسات أكثر ديناميكية، تُوازن بين الثوابت الوطنية ومتطلبات التكيف مع المتغيرات، وتُعزز من حضور الأردن كفاعلٍ إقليميٍ قادرٍ على التأثير في المعادلات، لا مجرد متلقٍ لتبعاتها.

أما المرتكز الثالث فيتمثل في تعزيز العلاقات مع الدول العربية وتوثيق التعاون مع الجانب الفلسطيني، إذ لا يمكن للأردن أن يواجه هذه التحديات بمعزلٍ عن محيطه العربي، فتحقيق التوازن الاستراتيجي يستدعي بناء تحالفاتٍ عربية متماسكة تقوم على المصالح المشتركة، وتعزيز التنسيق السياسي والأمني مع الدول الشقيقة، بما يضمن تشكيل جبهة موحدة قادرة على التصدي لأي محاولات لتقويض الأمن القومي العربي، وفي هذا الإطار، يبقى تعزيز العلاقة مع الجانب الفلسطيني ضرورةً حيوية، خصوصًا في ظل التحديات المتصاعدة التي تواجه القضية الفلسطينية، والتي باتت تتطلب رؤيةً استراتيجيةً جديدة تتجاوز إطار التنسيق التقليدي إلى شراكةٍ سياسيةٍ وأمنيةٍ أعمق، قائمةٍ على مبدأ المصير المشترك.

فيما يذهب المرتكز الرابع إلى تطوير الخطاب السياسي بما يتضمن بدائل استراتيجية غير تقليدية، فإذا كان مسار التسوية السلمية واتفاقيات السلام والتنسيق مع السلطة الفلسطينية لم ينجح في تحصين الأردن من التهديدات الصهيونية، فإنه من الضروري فتح النقاش حول خيارات أخرى أكثر تأثيرًا، قد تشمل إعادة النظر في طبيعة التحالفات، أو تبني استراتيجيات ضغط بديلة، أو حتى البحث في إمكانيات التنسيق مع قوى المقاومة، إذا ما اقتضت الضرورة ذلك، فاستمرار الأردن في نهج الدفاع الدبلوماسي وحده قد لا يكون كافيًا في مواجهة خصمٍ يستخدم كافة أدواته لإعادة تشكيل معادلات القوة لصالحه.

واختتم بني ارشيد حديثه بالقول إن المرحلة التي يمر بها الأردن تتطلب رؤيةً استراتيجيةً تستند إلى الواقعية السياسية دون التفريط بالثوابت الوطنية، وتستثمر كافة الأدوات المتاحة لحماية المصالح الوطنية العليا، وهذا لن يتحقق إلا عبر تبني نهجٍ استباقي يتجاوز ردود الأفعال الآنية إلى بلورة مشروع وطني شامل، يُؤسس لمنظومةٍ سياسيةٍ وأمنيةٍ واقتصاديةٍ قادرةٍ على تحصين الأردن من المخاطر، ويضع الأسس لاستراتيجية مواجهة متماسكة، توازن بين الدبلوماسية النشطة، وتعزيز الجبهة الداخلية، وإعادة تموضع الأردن ضمن المشهد الإقليمي بما يضمن الحفاظ على أمنه واستقراره في ظل التحولات المتسارعة.