المصالحة يكتب: تداعيات الحرب على غزة

 

* أ. د. محمد المصالحة

بدأ وقف إطلاق النار في غزة قبل يوم من تنصيب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة في 30 الشهر الحالي (كانون الثاني). وتنوعت هذه التداعيات بين الداخل الإسرائيلي والوضع في غزة نفسها.

داخل الكيان الإسرائيلي: حصلت استقالات في قيادة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية شملت رئيس الأركان وقائد المنطقة الجنوبية، اللذين أعلنا تحمّلها مسؤولية الفشل في حماية الكيان من هجوم 7 أكتوبر 2023 من قبل المقاومة الفلسطينية في غزة. وهذه الاستقالات تعبر ضمناً عن عدم قناعة قادة المستوى العسكري بجدوى استمرار الحرب (وقد عبروا عن ذلك غير مرة) وتكبد الخسائر في صفوف الجنود إرضاءً لرغبة نتنياهو في مواصلة الحرب لضمان عدم سقوط حكومته.

استقالة الوزير (المستوطن) المتطرف بن غفير: استقال لرفضه اتفاق وقف إطلاق النار، وهدد سموتريش، وزير المالية، بالخروج من الحكومة. غير أن نتنياهو وعده بتنفيذ حملة عسكرية على جنين أسفرت عن عشرات الشهداء والجرحى كمقدمة لعدوان أكبر على مدن الضفة الغربية لقمع المقاومة فيها. هذا يتماشى مع ما أعلنه الرئيس ترامب بأنه سينهي الحروب في العالم التي أُججت من قبل الإدارة السابقة.

كذلك تزايدت الدعوات من جانب يائير لبيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية، لرحيل الحكومة واعتبارها المسؤول الذي يجب أن يستقيل قبل غيره، داعيًا إلى انتخابات مبكرة.

المخاوف في الوسط الاجتماعي والسياسي: هناك مخاوف من أن يعرقل نتنياهو الاتفاق ويفتعل المبررات لخرق الاتفاق ومواصلة الحرب، باعتبار ذلك هو ما يضمن سلامة رأسه من قبضة القانون جراء جرائم الرشوة والفساد والاحتيال الموجهة له.

تعذر وجود خيار لليوم التالي للحرب بشأن من يسيطر على غزة، وذلك بظهور الشرطة التابعة للمقاومة التي انتشرت في شوارع غزة فور الانسحاب الإسرائيلي وتبادل الدفعة الأولى من الأسرى بين الجانبين.

وأهم ما انتهت إليه الحرب هو أن حكومة التطرف في تل أبيب بين خيارين: الأول هو استمرار العدوان وحربها على الضفة الغربية بدعم من ترامب وإدارته كتعويض عن انسحابها من غزة، وما سيحمله ذلك من اشتداد واتساع المقاومة في كافة المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية، حيث تمارس ساديتها في القتل والتدمير لكي تُثني الفلسطينيين عن مقاومة الاحتلال. أما الخيار الثاني فيتمثل في أن تفي إدارة ترامب بعدم تجدد الحرب وتبحث عن أفق سياسي يحقق دولة فلسطينية لها عضوية دائمة في الأمم المتحدة.