خطاب ترامب المجنون وعقيدة "أمريكا أولًا"

وسط أجواء سياسية واقتصادية شديدة التعقيد، شهدت العاصمة الأميركية واشنطن اليوم حدثًا تاريخيًا بتنصيب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، ليصبح الرئيس السابع والأربعين للبلاد. 

ترامب، الذي أثار جدلًا واسعًا خلال حملته الانتخابية، رسم في خطابه الأول ملامح مرحلة جديدة وصفها بأنها "العهد الذهبي للولايات المتحدة"، متعهدًا بإعادة بناء البلاد داخليًا واستعادة نفوذها خارجيًا في مواجهة ما أسماه تحديات مصيرية تهدد مكانة أميركا كقوة عظمى.

مراسم التنصيب: احتفاء بالانتقال السلمي للسلطة

في أجواء مهيبة داخل مبنى الكونغرس، أدى ترامب (78 عامًا) اليمين الدستورية أمام أعضاء المحكمة الدستورية العليا، إلى جانب نائبه جيه دي فانس، بحضور الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن وشخصيات سياسية ودبلوماسية بارزة من مختلف أنحاء العالم. 

المراسم، التي رافقها حضور جماهيري كبير، جسدت تقليد الانتقال السلمي للسلطة في أكبر الديمقراطيات العالمية.

وفي خطابه الذي ألقاه بعد أداء اليمين، ركز ترامب على التحديات التي تواجه الأمة، مستعرضًا رؤيته لعلاج أزمات الداخل الأميركي ومواجهة التحديات الدولية بجرأة واستراتيجية جديدة.

"أميركا أولًا": عقيدة جديدة للسياسة الأميركية

أعاد ترامب التأكيد على شعاره "أميركا أولًا"، مشددًا على أن المرحلة المقبلة ستشهد تحولًا جذريًا في كيفية تعامل الحكومة مع الأولويات الوطنية. 

وقال ترامب: "سنضع أميركا في المركز الأول بكل قرار نتخذه، سواء في الاقتصاد، الأمن، أو السياسة الخارجية"، مضيفًا أن الشعب الأمريكي يقف الآن على أعتاب أعظم أربع سنوات في تاريخ أميركا، فالحكومة ستعمل لإعادة بناء الثقة في المؤسسات وضمان العدالة والمساواة لجميع الأميركيين.

وأشار إلى أن إدارته تسعى لإعادة الولايات المتحدة إلى مركز الصدارة كأقوى وأعظم دولة في العالم، متعهدًا بإصلاح الأنظمة الفيدرالية التي وصفها بأنها "منهكة وبحاجة إلى إعادة هيكلة شاملة".

الجيش وقوة الردع: الأولوية للأمن القومي

أكد ترامب أن الجيش الأميركي سيكون محور استراتيجيته لتحقيق الأمن القومي، مشيرًا إلى أن إدارته ستعمل على بناء أقوى قوة عسكرية في التاريخ الحديث، قائلًا إن القوات المسلحة ستُركز على مهمتها الأساسية، ألا وهي القضاء على أعداء أميركا في الداخل والخارج، وضمان ألا يجرؤ أحد على تهديد السيادة الأمريكية.

كما أشار إلى خطط لتحديث تكنولوجيا الدفاع، وتعزيز الصناعات العسكرية، وضمان التفوق الأميركي في سباق التسلح العالمي. واعتبر أن القوة العسكرية ستكون الركيزة الأساسية لفرض الهيمنة الأميركية واستعادة النفوذ الدولي.

السياسة الخارجية: استعادة الدور القيادي لأميركا

وعد ترامب بتحول كبير في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، متعهدًا بإنهاء الحروب التي وصفها بـ"غير المجدية"، وتعزيز السلم العالمي، وذلك سيظهر من خلال: 

  1. إعادة النفوذ الأميركي في قناة بنما: أعرب ترامب عن استيائه من الوضع الحالي لقناة بنما، معتبرًا أن الولايات المتحدة قدّمت تضحيات هائلة لبنائها ولا يمكن السماح بخسارتها لصالح أطراف أخرى. وقال: "أميركا لن تقبل بفرض رسوم غير عادلة على السفن الأميركية العابرة للقناة، وسنستعيد السيطرة عليها".
  2. "خليج أميركا" بدلًا من خليج المكسيك: أعلن عن عزمه تغيير اسم خليج المكسيك ليصبح "خليج أميركا"، في خطوة وصفها بأنها تؤكد السيادة الأميركية في المنطقة.
  3. اتفاقات السلام: أشار ترامب إلى نجاحه في تحقيق اختراق دبلوماسي في الشرق الأوسط، حيث ساهم في إبرام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي شمل إطلاق سراح ثلاث إسرائيليات محتجزات في القطاع. وأضاف: "إرثي سيكون إرث السلام والوحدة، وليس استمرار الحروب والصراعات".
  4. الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ: وصف الاتفاق بأنه يشكل عبئًا اقتصاديًا على الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن بلاده ستتبنى استراتيجية بيئية خاصة بها تضمن حماية البيئة دون الإضرار بالاقتصاد.

الهجرة: سياسة صارمة لحماية الحدود

خصص ترامب جزءًا كبيرًا من خطابه لقضية الهجرة غير القانونية، مشددًا على ضرورة فرض سيطرة صارمة على الحدود. وقال: "سنعلن حالة طوارئ وطنية على الحدود الجنوبية، وسنرسل آلاف الجنود لتأمينها".

وأكد أنه سيتم بناء الجدار الحدودي مع المكسيك بسرعة، وأن المهاجرين غير الشرعيين سيتم إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية. كما وعد بمكافحة العصابات التي وصفها بأنها "تُهدد الأمن القومي"، معلنًا أن إدارته ستتعامل مع المتسللين على أنهم إرهابيون.

واتهم الديمقراطيين بالتسبب في أزمة الهجرة الحالية، قائلًا: "لقد فتحوا الأبواب أمام المجرمين. هذا الوضع لن يستمر".

محاربة النخب الفاسدة: إصلاح القضاء واستعادة العدالة

تعهد ترامب بإصلاح شامل للنظام القضائي الأميركي، مشيرًا إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تسييسًا خطيرًا للعدالة. وقال: "لن أسمح باستخدام قوة الدولة سلاحًا ضد الشعب. سنعيد النزاهة إلى القضاء وسنضع حدًا للفساد السياسي".

كما أعلن عن خطة لمكافحة النخب التي وصفها بـ"الراديكالية والفاسدة"، مشددًا على أهمية استعادة ثقة الأميركيين في مؤسسات الحكم.

الأزمة الاقتصادية والتضخم: خطة عاجلة للإنقاذ

أعرب ترامب عن قلقه من تفاقم الأزمة الاقتصادية، متعهدًا باتخاذ إجراءات سريعة لاحتواء التضخم وخفض الأسعار. وقال: "سأعلن حالة طوارئ خاصة بالطاقة، وسنعيد فتح حقول النفط والغاز. أميركا ستكون أمة مصنّعة ومصدّرة مرة أخرى".

وأشار إلى أن إدارته ستعمل على دعم الصناعات المحلية، وفرض ضرائب على الواردات الأجنبية، وتشجيع الاستثمار في البنية التحتية والطاقة المتجددة.

الطموح الفضائي: أميركا إلى المريخ

أعلن ترامب عن خطة طموحة لإرسال رواد فضاء إلى كوكب المريخ، مؤكدًا أن رفع العلم الأميركي على سطح الكوكب الأحمر سيكون رمزًا جديدًا لتفوق أميركا. وقال: "هذه ليست مجرد رحلة علمية، بل رسالة إلى العالم بأننا قادرون على تحقيق المستحيل".