أبو زيد لـ"أخبار الأردن": هكذا تقاس معادلة الانتصار في غزة
قدم الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد رؤية معمقة تُعيد صياغة مفهوم الانتصار والهزيمة في النزاعات غير المتكافئة، مثل التي حدثت في غزة، برعاية جيش الكيان الصهيوني ضد المقاومة الفلسطينية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكتروينة أن معايير الربح والخسارة لا يمكن اختزالها في حجم الدمار أو عدد الضحايا المدنيين، فهي تُقاس بقدرة الأطراف على كسر الإرادة السياسية والمعنوية، مشيرًا إلى أن ميزان القوى بين جيش نظامي مدجج بالسلاح، وفصائل مقاومة تعتمد تكتيكات وفق ما هو متوفر يجعل المقارنة الكمية بينهما غير مجدية.
وأشار أبو زيد إلى أنه بعد 471 يومًا من القتال الشرس، لم تُكسر إرادة المقاومة، وهي إنجاز بحد ذاته في مواجهة قوة تفوقها تسليحًا ودعمًا، وفي المقابل، استمر الاحتلال في عملياته دون تحقيق نصر حاسم.، مضيفًا أن المعادلة العادلة في مثل هذه الحروب تشير إلى أن المقاومة نجحت لأنها لم تُهزم، بينما الاحتلال لم ينتصر رغم تفوقه المادي، وبهذا، تفقد الحرب طابعها التقليدي الذي يُفضي إلى غالب ومغلوب، حيث يصبح النصر الحقيقي هو الصمود وفرض الإرادة.
وذكر أن هذا النوع من الصراعات يجعل التعادل مستحيلًا في ميزان الإنصاف، فالطرف الأكبر، الذي يمتلك القوة العسكرية والتكنولوجيا والدعم الدولي، يُعد خاسرًا إذا فشل في إخضاع الطرف الأصغر، حتى لو فرض عليه حصارًا خانقًا منذ عام 2014، معتبرًا أن نجاح المقاومة في إجبار الاحتلال على التفاوض هو مؤشر على تفوقها الاستراتيجي.
وتطرق أبو زيد إلى الكلفة الإنسانية والمادية الباهظة للصراع، موضحًا أن الاحتلال لجأ إلى استخدام القوة الجوية المكثفة والتدمير الممنهج كوسيلة للضغط على الحاضنة الشعبية للمقاومة، إلا أن هذه الاستراتيجية فشلت في كسر الروح المعنوية للشعب الفلسطيني.
وقدّم إسقاطات تاريخية تؤكد قدرة الشعوب على النهوض رغم الخراب، مشيرًا إلى أن مدينة درسدن الألمانية، التي أُزيلت تمامًا خلال الحرب العالمية الثانية عام 1945، أعادت بناء نفسها وأصبحت اليوم من أبرز المراكز الاقتصادية في العالم، فالحجر يُبنى، والشجر يُزرع، والإنسان يُولد، لكن الكرامة الوطنية لا تُباع ولا تُشترى.
واختتم أبو زيد حديثه بالقول إن حركات التحرر الوطني أثبتت عبر التاريخ أنها لا تُهزم بالإبادة أو التدمير، مستطردًا أنها تستمد قوتها من إرادة الشعوب وإيمانها بعدالة قضيتها، وهكذا، فإن ما جرى في غزة يؤكد أن معادلة النصر والهزيمة لا تُكتب فقط بالسلاح، بل تُصاغ بالإرادة والصمود.