قوة الدينار بين قيمته ونفوذه في النظام المالي... عايش يوضح لـ "أخبار الأردن"
قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن القيمة المرتفعة للدينار الأردني لا تعني بالضرورة أنه يُعتبر من بين أقوى العملات الاقتصادية عالميًا، فالدولار الأميركي يظل هو العملة الاحتياطية الأولى في العالم، تليه العملات الكبرى مثل اليورو، ثم الين الياباني.
في الواقع، الدولار الأميركي يعادل نحو 130 إلى 135 ين ياباني، فهل يشير ذلك إلى ضعف الين الياباني مقارنةً بالدينار الأردني؟ الإجابة تكمن في المعادلة المعقدة التي تضعها الدول لقياس قوة العملة، وهي لا تتعلق فقط بسعر الصرف اللحظي، بل بالحجم الاقتصادي للدولة، والسياسات النقدية التي تتبعها، ومدى قبول هذه العملة في النظام المالي الدولي، وفقًا لما صرّح به عايش لصحيفة "اخبار الأردن" الإلكترونية.
وأوضح أنه في نهاية ثمانينات القرن الماضي، كان الدينار الأردني يعادل نحو 3 دولارات، قبل أن يُثبت سعره أمام الدولار الأميركي عند مستوى 1.41 دولار، وقد تم تبني هذا التثبيت في إطار سياسة مصرفية متكاملة تتخذ من حجم التجارة الخارجية، ومعدلات التضخم، والاحتياطي النقدي للدولة أساسًا، ورغم أن هذا التثبيت حقق استقرارًا في قيمة الدينار الأردني في مواجهة تقلبات سوق الصرف، إلا أنه لم يمنع من تذبذب الدينار أمام العملات الأخرى، الأمر الذي أبرز الحاجة إلى مراعاة سياق السوق الدولي وأثر السياسات الاقتصادية الكبرى.
وعلى الرغم من استقرار سعر الصرف على المدى الطويل، فإن التثبيت الذي اعتمده الأردن لا يخلو من تحديات، إذ إن تحركات أسعار الفائدة في الولايات المتحدة تؤثر بشكل مباشر في الأسعار المحلية، ما يجعل السياسة النقدية للأردن مرهونة بدرجة كبيرة بالاقتصاد الأميركي، فبينما يُعتبر التثبيت أحد أعمدة الاستقرار النقدي والاقتصادي، فإن هذا التثبيت يأتي بتكلفة عالية تتمثل في تراكم التزامات مالية على مستوى الفائدة، التي تساهم في زيادة أعباء الاقتصاد المحلي.
ونوّه عايش إلى أن مفهوم "أقوى العملات" لا يعكس فقط قيمتها أمام العملات الأخرى، بل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالقدرة على السيطرة على الاحتياطيات النقدية العالمية، فالدولار الأميركي، بما يقرب من 59% من الاحتياطيات العالمية، هو العملة الأكثر قبولًا، تليه اليورو بحصة تصل إلى نحو 20%، ما يعني أن 80% من الاحتياطيات النقدية العالمية محفوظة في هاتين العملتين، وبالرغم من أن بعض العملات مثل الدينار الأردني قد تُظهر قيمة أعلى أمام الدولار في سياقات معينة، فإن قوتها الاقتصادية الحقيقية تتحدد من خلال مستوى اعتمادها على النظام المالي العالمي ومدى قدرتها على التأثير في الاقتصاديات الكبرى.
ومن هذا المنطلق، يبقى الدولار الأميركي العملة الرائدة في العالم من حيث القوة والنفوذ، تليه العملات الأخرى مثل اليورو والين الياباني، والجنيه الاسترليني، بينما تحتل العملات الإقليمية مثل الدينار الأردني مكانتها من خلال ارتباطها بالدولار الأميركي وتوظيفها في سياسات اقتصادية تحافظ على الاستقرار النقدي المحلي في ظل التحديات العالمية.
واختتم عايش حديثه بالقول إن قوة الدينار الأردني ترتكز على ارتباطه الوثيق بالدولار الأميركي، وهو ارتباط يُعد أحد الركائز الأساسية لنجاح السياسات النقدية في الأردن، ويظل الدينار عملة مستقرة في إطار هذا النظام، رغم أنه لا يعكس بالضرورة القوة الاقتصادية العميقة التي تمثلها العملات الاحتياطية الكبرى في النظام المالي العالمي.