المصالح المتضاربة صنعت هدنة غزة... النجار توضح لـ"أخبار الأردن"

قالت عضو الحزب الديمقراطي الدكتورة شيرين النجار إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة جاء نتيجةً لتظافر جهود غير مسبوقة بين الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب، اللذين آثرا تجاوز عدائهما السياسي المؤقت لتحقيق غاية مشتركة. 

وأوضحت في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن لكلٍّ منهما أهدافه الخاصة من تسوية هذه الأزمة؛ إذ يمثل الاتفاق بالنسبة لبايدن خاتمة مشرفة لعهده السياسي، بينما يُفسح المجال أمام ترامب لبدء ولايته الثانية دون إرثٍ ثقيل يعرقل طموحاته، مما يمنحه فرصة التفرغ لأولويات إدارته الجديدة.

وبيّنت النجار أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يواجه تحديات داخلية متصاعدة، حيث يتعرض لضغوط مكثفة من حلفائه في اليمين المتطرف الذين يعارضون بنود الاتفاق، وقد جاء تأجيل اجتماع مجلس الوزراء المخصص للمصادقة على الاتفاق ليعكس عمق الانقسامات والضغوط التي تتأرجح بين الالتزامات الداخلية والاعتبارات الدولية.

وفي تطور لافت، شهد شهر ديسمبر زيارة ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس المنتخب دونالد ترامب، إلى السعودية، حيث التقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتركزت المباحثات بين الجانبين حول العلاقات الأميركية - السعودية، وحرب غزة، وإمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، إذ تمثل هذه الزيارة أول اتصال مباشر بين الأمير محمد بن سلمان وأحد أعضاء الإدارة الأميركية القادمة منذ انتخابات نوفمبر، ما أضفى عليها أهمية استراتيجية.

وذكرت النجار أن ترامب، الذي يتطلع إلى تحقيق إنجاز تاريخي مبكر في ولايته الثانية، يسعى إلى صياغة اتفاق سلام شامل بين إسرائيل والسعودية، يتضمن خطوات ملموسة على طريق إنهاء النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، وفي تصريحات تعكس رؤيته، قال: "أطمح إلى سلامٍ دائمٍ ومستقر. لا أقول إن تحقيق هذا الهدف وشيك، ولكنه ممكن إذا اجتمع الجميع على طاولة واحدة. أريد رؤية نهاية حقيقية للمآسي التي تتكرر كل بضعة أعوام".

إلا أن التقارب الأخير بين المملكة العربية السعودية وإيران، الذي جاء في أعقاب سنوات من التوترات الإقليمية، يمثل تحديًا كبيرًا لخطط الولايات المتحدة وإسرائيل، وهو أمر يثير قلق إدارة ترامب المنتخبة، فهذا التقارب ينذر بتغيير في التوازنات الإقليمية، ويضع مزيدًا من الضغط على الجهود الأميركية لتعزيز تحالفاتها التقليدية، وفقًا لما صرّحت به النجار لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

وفي هذا السياق، صرح ترامب بأن اتفاق الهدنة، الذي ينص على تبادل الرهائن الفلسطينيين مقابل أسرى إسرائيليين، لم يكن ليرى النور لولا التدخل الحاسم من فريقه، وقال: "لو لم نبادر بالتحرك، لما تحقق هذا الاتفاق أبدًا"، كما وجه انتقادات لاذعة لبايدن، متهمًا إياه بادعاء إنجازات لا صلة له بها، وأضاف: "ما تحقق هو نتيجة لضغوطنا الواضحة، وقد سعينا لضمان إنجاز الاتفاق قبل أن أتولى رسميًا مهام الرئاسة".

وأوضحت النجار أن تدخل ترامب في هذه الأزمة اتسم بالصرامة، حيث مارس ضغوطًا شديدة على الأطراف كافة، بما في ذلك الجانب الإسرائيلي، الذي أُجبر على تجاوز اعتبارات دينية تقليدية، مثل العمل يوم السبت، لتحقيق التهدئة، وهذا النهج عكس إرادة أميركية جادة لتوظيف قوتها الدبلوماسية لإنهاء المعاناة الإنسانية للفلسطينيين وتحقيق الاستقرار.

من جهة أخرى، لا يُغفل دور التهديدات التي أطلقها ترامب بتحويل المنطقة إلى "جحيم" في حال فشل الأطراف في التوصل إلى تسوية، وهذه التهديدات أضفت على المفاوضات طابعًا ملحًا، ودفعت بالاتفاق إلى حيّز التنفيذ قبل أن تتولى الإدارة الجديدة زمام الأمور رسميًا.

وقالت النجار إن ترامب – وبينما يستعد - للعودة إلى البيت الأبيض، يبدو واضحًا أن هذا الاتفاق، الذي كان قيد النقاش منذ أشهر، استفاد من زخم سياسي جديد فرضته التحولات على الساحة الدولية، لتتحول الأزمة من صراع مستمر إلى لحظةٍ مفصليةٍ قد تُمهِّدُ الطريق لسلامٍ أشمل.