البراري يكتب: أوهام النصر وجراح السلام
حسن البراري
من المتوقع التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وليس نهاية الحرب في غزة، وسيبدأ الجميع في ادعاء النصر، وسيعلن كل طرف بأنه حقق أهدافه، حتى أمريكا التي ستحتفل بما تسميه ب "انجاز" ربما يتنازع علي تحقيقه كل من بايدن وترامب.
لكن، الحقيقة المرة هي أن النصر الوحيد الذي تحقق كان على أشلاء الفلسطينيين ودمار حياتهم وتحويلها إلى جحيم. ستبدأ التصريحات الجوفاء عن "إعادة الإعمار"، لكن الحقيقة أن غزة لم تعد بحاجة إلى وعود فارغة، بل إلى خطة حقيقية تضمن لها الكرامة والعيش الكريم بعيدًا عن ألاعيب السياسة. ولا يمكن اعتبار وقف النار الحل لأن النار التي في قلب غزة لا تُطفأ بالكلمات، بل بمستقبل يسمح لأهلها العيش الكريم وحكم أنفسهم بعيدا عن الاملاءات الخارجية والداخلية.
نجح نتنياهو في إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بطريقته الخاصة، مستغلًا التوترات والصراعات لتوسيع نفوذ إسرائيل. لكن هذه "النجاحات" السياسية لا تغطي الواقع المؤلم على الأرض، حيث يظل الفلسطينيون يدفعون الثمن باهظا من دمائهم وكرامتهم وربما مستقبلهم إن لم يستفيقوا سريعا ويوحدوا الصفوف لنيل استقلالهم.
ما جرى في غزة كان له انعكاسات كبيرة على الداخل الإسرائيلي، حيث تصاعدت التوترات السياسية والاجتماعية، وبرزت أصوات تعارض سياسات الحكومة الحالية. كما أدى التصعيد إلى عزلة دولية متزايدة لإسرائيل، حيث فقدت دعم بعض الحلفاء التقليديين وواجهت ضغوطًا متزايدة من المنظمات الدولية والمجتمع المدني، الذين دعوا إلى محاسبتها على انتهاكات حقوق الإنسان. هذا التدهور في العلاقات الخارجية، جنبًا إلى جنب مع الاضطرابات الداخلية، يجعل من الصعب على إسرائيل الحفاظ على صورة القوة والاستقرار التي طالما سعت إليها.
ومع ذلك، تأخر كثيرًا اتفاق وقف إطلاق النار، ودفع الأبرياء في غزة ثمن هذا التأخير غاليًا. فقد عاشت العائلات تحت القصف والدمار، وذاق الأطفال والنساء مرارة الموت والتهجير. إن الجهد لا يجب أن ينصب فقط على وقف إطلاق النار، بل يجب أن يكون التركيز الأكبر على التوصل إلى اتفاق حقيقي ينهي الحرب بشكل دائم ويعالج جذور الصراع. وقف إطلاق النار مجرد خطوة مؤقتة، بينما السلام الدائم يتطلب حلولًا سياسية جادة تضمن حقوق الفلسطينيين وتحفظ كرامة الإنسان بعيدًا عن العودة إلى دوامة العنف.