سلاح الفصائل أم مظلة الدولة... ساعات حاسمة في سوريا

رغم قرار السلطات الجديدة بحل جميع التشكيلات المسلحة في جنوب سوريا، فإن ائتلاف الفصائل المسيطر على محافظة درعا لا يزال يتمسك بسلاحه ومعداته، مبديًا في الوقت ذاته انفتاحًا مشروطًا على الانضواء تحت مظلة وزارة الدفاع.

ووفقًا للتقرير الذي اطّلعت عليه صحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، فإن الناطق باسم غرفة عمليات الجنوب - القوة الأبرز حاليًا في محافظة درعا - العقيد نسيم أبو عرة، أكد في تصريح لوكالة "فرانس برس" موقف الائتلاف قائلًا: "لا يمكننا القبول بفكرة حل الفصائل ببساطة. نحن نمتلك سلاحًا ومعدات ثقيلة، وجسمًا عسكريًا منظمًا. من وجهة نظري، يجب أن ندمج ككيان رسمي ضمن وزارة الدفاع، لنكون جزءًا من المؤسسة العسكرية للدولة".

أبو عرة، الذي انشق عن الجيش السوري في عام 2012 وانخرط في قيادة العمل العسكري المعارض من خلال غرفة عمليات الجنوب، أوضح أن الائتلاف يضم ضباطًا منشقين يديرون العمليات العسكرية بخبرة مهنية، إذ أردف قائلًا: "واجهنا فوضى كبيرة في الجنوب، لكننا تمكنا خلال فترة وجيزة من بسط السيطرة وتأمين المراكز الحيوية التي كانت مهددة بالخطر".

في حديثه، أشار أبو عرة، المعروف أيضًا بـ"أبو حسام"، إلى انسحاب قوات أحمد العودة من دمشق بعد وصول مقاتلي الشمال بقيادة هيئة تحرير الشام، تفاديًا لاحتمالات اندلاع اشتباكات أو وقوع فوضى مسلحة، مضيفًا: "فضلنا العودة إلى درعا بعد ظهر الثامن من ديسمبر حفاظًا على الاستقرار، وتجنبًا لأي تصادم غير محسوب العواقب".
غرفة عمليات الجنوب، التي غابت عن الاجتماع الأخير للسلطات الجديدة في 25 ديسمبر/كانون الأول، تُعد أحد أبرز الأجسام العسكرية المعارضة. الاجتماع الذي أُعلن فيه التوصل إلى اتفاق لحل الفصائل ودمجها في وزارة الدفاع، لم يشهد مشاركة هذا الائتلاف الذي كان أول قوة عسكرية معارضة تدخل دمشق في أعقاب سقوط النظام.

خلال تلك اللحظات المفصلية، لعب الائتلاف دورًا بارزًا في حماية المؤسسات الحيوية في العاصمة، وأسهم في تأمين رئيس وزراء النظام السابق لتسيير الأعمال ريثما يتم ترتيب أوضاع الدولة.

يضم ائتلاف الفصائل تشكيلات عسكرية متعددة كانت قد أطلقت شرارة المقاومة ضد نظام الأسد، أبرزها ألوية الجيش الحر. من بين هذه الألوية "عمليات المنطقة الجنوبية"، التي قادها المقدم ياسر العبود حتى مقتله عام 2013، و"لواء العمري"، الذي كان تحت قيادة النقيب المنشق قيس القطاعنة قبل استشهاده في عام 2014. كما يضم الائتلاف كتائب بارزة مثل كتيبة "سلطان باشا الأطرش"، التي ضمت ضباطًا دروزًا منشقين، وقادها الملازم أول خلدون زين الدين حتى مقتله عام 2013.

لكن نفوذ هذه الفصائل تضاءل بشكل كبير بعد اتفاقيات المصالحة التي رعتها روسيا في عام 2018، والتي فرضت على معظم هذه الجماعات الانسحاب إلى الشمال. مع ذلك، لا تزال غرفة عمليات الجنوب تحافظ على وجودها، متشبثة بمكتسباتها، رغم التحديات السياسية والعسكرية التي تواجهها في ظل الواقع الجديد.

إن تمسك الفصائل المسلحة في الجنوب بسلاحها يعكس قناعة راسخة بأن معادلات القوة لا تزال بحاجة إلى إعادة صياغة، وأن اندماج هذه الكيانات ضمن وزارة الدفاع قد يمثل فرصة لإعادة هيكلة مؤسسة عسكرية وطنية. لكن نجاح هذا المسار يعتمد على قدرة السلطات الجديدة على بناء ثقة متبادلة مع الفصائل، بما يضمن مشاركة حقيقية في صياغة مستقبل البلاد.